الأحد , 28 أبريل 2024

نهال مجدي تكتب: لا داعي للقلق!

= 2245

في خضم كل الأزمات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية التي تمر بها مصر منذ ثورة 25 يناير، دائما ما كنت أشعر بقلق بالغ لما قد تؤل اليه الأمور وخاصة بعدما رأيت الخلافات السياسية والمذهبية تمزق دولا مستقرة وبلدان لها حضارات عريقة، راسخة في وجدان أهلها. وزاد قلقي بعدما تصاعدت ظاهرة الرغبة في الهجرة من مصر بين الشباب لصعوبة الأوضاع المعيشية بشكل عام، مما ترك لدي إنطباع ان جيلي قد يأس من الإصلاح في وطنه فقرر ان يبتعد ليصنع نجاحاً في مكان أخر.

إختفي هذا القلق لدي فقط خلال الأيام القليلة الماضية لسببين: الأول هو حالة الرفض القاطع التي لمستها لمحاولات تشويه الجيش المصري بفيديوهات “مفبكرة”، ظن من كان وراء إنتاجها، والترويج لها، انها ستنال من مصداقيته لدي الرأي العام، أو أنه سيحدث وقيعة بين الجيش وشعبه، أو اننا سنفقد الثقة في الثوابت الأخلاقية الراسخة الراقية لدي العسكرية المصرية والتي من أهم عناصرها هو أن الإقتراب من المدنيين العزل خط أحمر.

وكانت دهشتي كبيرة عندما وجدت أن بعضاً من الذين دافعوا بشدة عن الجيش المصري ضد من يريد هزيمته نفسياً هم من بين من أعرف عنهم نقدهم اللاذع للنظام ومعارضتهم الشرسة والذين حتي كان موقفهم واضح جدا في رفض فترة حكم المجلس العسكري التي تلت تنحي مبارك عن السلطة بكل ما فيها.

فاجأني من هؤلاء تحديداً أن تكون حدتهم في الدفاع عن المؤسسة العسكرية في هذا الموقف يكاد يقترب من حدة مواقفهم المعارضة. أبهرني موقفهم الجلي الواضح في الوقت الذي لم أتوقع منهم سوي الصمت علي أحسن تقدير.

السبب الثاني، هو موقف الرأي العام المصري مما حدث بعد المصاب الجلل الذي أصاب مصر كلها بالعمليات الارهابية الخسيسة التي طالت كنيستي اسكندرية وطنطا في أعياد القيامة. لن أتوقف هنا عند الموقف الوطني المشرف للكنيسة بقيادة البابا تواضروس، فلم نعتد من قيادات أكبر وأهم كنائس الشرق الأوسط سوى هذا الموقف النبيل الراقي والذي ينم عن حكمة وبصيرة ووطنية لايمكن المزايدة عليها.

ما توقفت عنده بإنبهار، هو هذا الصبر الرهيب والسلام والسكينة التي يتحدث بها جميع الأخوة المسيحيين عندما يتطرق الحديث لهذه الحوادث الارهابية الدامية حتى أهالي الذين استشهدوا فيها. أكثرهم غضباً وحدة لم يطالب إلا بمزيد من التأمين لدور العبادة والتي هي جزء من مطالب بمزيد من التأمين من العمليات الإرهابية في ربوع مصر كلها مع إدراك كامل بأنها عمليات إرهابية وليست طائفية.

الأمر الأكثر غرابة هو ان كثير من المسلمين أنفسهم في احاديثهم الجانبية يبهرهم صمود المسيحيين ويكبرون موقفهم، بل أن البعض يعترف بأنه لم يكن ليتحمل مثل هذه الحوادث المتتالية التي تستهدفهم، إلى الحد الذي دعا البعض لإقتراح ان يتم ترشيح كنيستنا القبطية لنيل جائزة نوبل للسلام.

هذا التماسك الرائع الذي يظهر جلياً واضحا وقت الأزمات، وإن كان لا يجب ان نركن إليه دائما، يجب ان يشعرنا بالإطمئنان إلى حد ما، ويوجهنا لضرورة البناء عليه لتصحيح أوضاع خاطئة استمرت سنوات طوال. يجب ان يمنحنا هذ التماسك الثقة بأنفسنا بأننا نستطيع ان نعيد مصر لمكانتها التي تليق بها.

قد نكون بالفعل في حالة حرب، وجودنا نفسه كدولة علي المحك، إلا ان هذا التماسك بين الشعب المصري الذي يجعله من الصعب بل من المستحيل علي أي أفكار او قوي معادية النفاذ داخله أول التفريق بين عناصره، ولذلك استطيع أن اقول بثقة أنه لا داعي للقلق.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 6006 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.