الخميس , 2 مايو 2024

نهال مجدي تكتب: “الجرين برجر” وحروب من نوع آخر!

= 2395

يبدو الأمر وكأنها مزحة تثير السخرية علي صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، والتهكم بين الأصدقاء ولكن في الحقيقة الأمر أعقد وأعمق من ذلك بكثير. فهناك من يفكر إستراتيجيا ليس لأعوام قادمة فقط، بل لعقود وربما لقرون قادمة في معركة متعددة الأصعدة للقضاء علي منطقتنا العربية وإعادة تشكيلها لصالحه.

خلال كل الأزمات التي عبرت بالمنطقة بوجه عام ومصر تحديداً، ما جعلها تصمد ويجعلها عصية علي السقوط والهزيمة الكاملة هو الوعي الناتج عن مخزون حضاري وتاريخي شديد الرقي. لهذا السبب هناك محاولات ضعيفة التأثير وإن كانت مستمرة لتغيير هذا الوعي وإضعافه لكي تنتهي هذه الروح الشرسة المدافعة عن الارض والتاريخ وزعزعة ثوابتها والتي تدفع الأمم للنهوض مرة أخري مهما تعرضت لنكبات أو تعثرت في طريقها الذي يتم زرعه بالألغام.

تغريب اللغة العربية، وإضعافها ومحاولة إشاعة إسلوب للتعامل بين المتحدثين بها يدفعهم لاحتقارها تبدأ دائماً بمثل هذه الخطوات البسيطة التي بدأت بالفعل بإطلاق مصطلحات غربية علي أشياء عربية صميمة مثل “الطعمية” التي فوجئنا بين يوم وليلة بمن يطلق عليها “جرين برجر” أو الكشري المصري الأصيل الذي أخذ لقب “إجيبشن باستا”.

أعود وأكرر أن الأمر قد يبدو هيناً وبسيطاً، فضربة معول في جبل راسخ كلغتنا العربية التي تحمل هويتنا ويحفظها القرآن قد لا يؤثر الشيء الكثير، ولكن الاستمرار في تلك المحاولات بإلحاح قد يكون لها أثر أكبر علي المدي الطويل.

لا أعتقد أننا قد نسينا بعد مشاهد مجرمي داعش وهم يقتحمون متاحف الموصل ليهدموا ما فيها من آثار تحكي تاريخنا الذي نفخر به ونباهي به الأمم، هذا طبعا بخلاف الآثار الأخري التي تمت سرقتها وتعرض الآن في المتاحف الأمريكية حيث استخدمت عوائد سرقة تلك الآثار في تمويل الإرهابيين الذين دمروا العراق وقتلوا الآلاف من أهله وشردوا آلاف غيرهم. ولازالنا أيضاً من حين لأخر نسمع عن دور المزادات العالمية تعرض بعض القطع الأثرية المصرية تباع بأثمان زهيدة ودائما ما يكون المشتري مجهولا ولا يعلن عن إسمه.

أما عن تراثنا الفني المبهج الذي شكل وجدان أجيال من المحيط الي الخليج فقد فوجئت منذ أيام بصفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” علي الفيسبوك تنشر تقريرا مفصلاً عن تاريخ أم كلثوم وقصة حياتها مع مقاطع من أجمل وأشهر أغانيها.

ولا أجد الآن أبلغ من كلمات الشاعر الرائع هشام الجخ في قصيدته لإبنه “حمزة” عندما حذره قائلا “أوعي لينسوك يا ولدي مصر مين”..فالحرب الخفية التي تتسرب إلينا ببطء وإصرار الآن هي حرب من نوع جديد..إنها حرب الهوية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10122 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.