الأحد , 5 مايو 2024
د. إيمان دويدار

الثانوية العامة بين القبول والرفض أو الانتحار

= 2896

بقلم: د.إيمان دويدار *

يرسم كل منا صورة ذهنية ثابته بعقله عن الثانوية العامة حيث تمثل حالة من الرعب والفزع لكل من الطلاب والاسر على حد سواء. ولما لا فهى تمثل بالنسبة للاسر حال نجاح ابنتها او ابنها دليلا قاطعا على انها قامت بدورها فى التربية الصحيحة ووصلت بابنها الى بر الامان وانها قد ادت ما عليها من واجبات تجاه ابناءها وهو الأمر الذى تفتخر به امام الجميع وخاصة إذا حصل طالب الثانوية العامة فى الاسرة على مجموع يؤهله إلى إحدى كليات المسماه بالقمة كالطب او الهندسة او الصيدلة او الالسن.

واستطيع ان اجزم انها مرحلة صعبة (سخيفة) بكل ما تحمله الكلمة من معانى لما تحمله من قلق للاسر وارتفاع حدة التوتر داخلها . اضافة الى اعلان حالة الطوارئ القصوى ومنع الزيارات المنزلية او الخروجات الترفيهية فهى بهذا المعنى يمكن ان نطلق عليها سجن انفرادى داخل كل اسرة يعيش بها طالب ساقته اراء والديه إليها وليس عن رغبة حقيقية من الابنة او الابن الذى يفضل الكثير منهم الهروب من السجن (الثانوية العامة) الى الالتحاق باحد المدارس الفنية كى لا يعانى كل هذه المعاناه.

اضافة الى ما تخلفه هذه الثانوية العامة من عبء مادى فى ظل الحالة الاقتصادية الراهنة يكون الامر فائق الصعوبة فمحاولات الاسر لتوفير المال اللازم للدروس الخصوصية سواء بحرمانها من منطلبات الحياة من ماكل وملبس وتاجيل كل ذلك من أجل طالب الثانوية العامة فى الاسرة ويتم توفير المال فى كثير من الاحوال بالاقتراض تاره وبالتأجيل للاحتياجات الاسرية تارة اخرى … حتى انتهاء المرحلة واعلان النتيجة وهنا تقابلنا المفاجآت والمضحكات المبكيات ..والمفارقات كثيرة.

ولأن سقف التوقعات للاسر لما يحققه طالب الثانوية العامة باسرهم قد يفوق مستوى قدرات الطالب الذهنية والنفسية والجسمية ما يجعلهم يشعرون بصدمة حال اظهار النتيجة ويرسب الطالب للاسف او يحصل على مجموع درجات تحت سقف توقعاتهم وطموحهم. فنجدهم يشعرونه بالتقصير فى حقهم وانهم بذلوا جهدا كبيرا من اجله ويلومونه ويشعرونه بمشاعر الذنب لانه خذلهم ومن ثم يؤكدون لديه تحول مشاعرهم من النقيض للنقيض بصورة سريعة وخطيرة فبعد مشاعر القبول له وحرصهم على صحته وملابسه ودراسته وايضا منحهم له كل الحب والحنان والعطف أثناء هذه الثانوية العامة . ثم تتحول هذه المشاعر الى التجاهل وعدم القبول والرفض ومن ثم نصل بابناءنا الى التفكير السلبى ومواجهة مصير الانتحار والتخلص من حياته ما دامت الحياة لا معنى لها ولما لا ونحن الوالدين ما اشعرناه بانه لا قيمة له إلا بما يحصل عليه من مجموع الدرجات فقط.

أؤكد أن هناك عدد ٨ طلاب كان سلوكهم الانتحاري خوفا من مواجهة مجتمع اكثره يسعى للارتقاء بمستواه بمجموعة درجات صماء قد حصل عليها معظم الطلاب عن طريق الحفظ والتلقين لا اكثر مجتمعا لا يسعى إلى نشر ثقافة النجاح في إدارة الذات وتحقيق التنمية البشرية للمتميزين فكريا ولكنه مجتمع يسعى لطمس افكارنا وإلهائنا فيما هو ادنى الدرجات بطلابنا حتى وإن حصلوا على أعلى الدرجات فيما يسمى بالثانوية العامة.

وأخيراً اوجه رسالتى إلى طلابنا المساكين لانهم نتاج لاسر تستحق الشفقة لما يعتنقوه من افكار مشوشة لا تستطيع بناء عقول سليمة تستحقها مصر اجمل بلد في الدنيا .. طلابنا ليست الثانوية العامة مقياسا للنجاح فى الحياة ولكن نجاحكم مقرون دوما باجتهادكم وبنا افكار جديده لبناء اكثر متانة ومكانة مصر الجميلة تستحقها.

————

* استشارى الصحة النفسية وتعديل السلوك.

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 15045 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.