الإثنين , 29 أبريل 2024

“نساء على الشاطئ” … قصة قصيرة بقلم صابر الجنزوري

= 1538

 

كان يوما من أواخر أيام الشتاء الدافئه ، شمس ساطعه وسماء صافيه مما شجعه على الذهاب إلى البحر والمشى على الشاطئ والجلوس بأحد المقاهى المواجهه للبحر .
لم تفتر عزيمته منذ أن ومضت الفكرة فى ذهنه.
أخذ سيارته وذهب مسرعا قبل أن توهَن عزيمته ويتكاسل فيتراجع عن الفكرة.
– أخيرا أقف أمام البحر وأمشى على الشاطئ وأتنفس هواء نقيا،قالها بصوت مسموع كأنه حقق انتصاراً لم يتوقعه .
لم يكن وحده الذى ناداه البحر ،كان هناك عشاقا غيره ،ولكن ليس بالكثير ،جذب انتباهه أن النساء
والفتيات كثيرات عن الرجال والشباب!
ربما كان هذا يوما للنساء ولا أدرى ؟
قالها متعجبا فى نفسه.
قضى بعض الوقت يشاهد بعض الرجال
والشباب داخل البحر ويتعجب من كثره النساء.
قرر أن يذهب إلى المقهى المواجه للبحر ،فذهب إليها
من خلال ممشى خشبي يفصل بينها وبين الشاطئ.
المقهى يجلس به نساء كثيرات تجاوز عددهن عدد الرجال.
تحت كل شمسيه بيضاء ،توجد منضَضةُ
وعددا من المقاعد البيضاء بعض منها فوق نجيلة خضراء والأخر فوق الرمال.
وراؤه يجلس رجل فى متوسط العمر مثله
يحتسى كوبا من الشاى وأمامه نرجيلة بدأ فى استخدامها حتى فاحت رائحة تفاح مع الدخان المتصاعد الذى يخرج من فمه ونرجيلته ..
على يمينه ثلاثة مناضد شٌغلن بالنساء..
بينما على يساره فى الجزء الثاني من المقهى فوق الرمال ثلاثة مناضد أخرى ، إثنان منها شُغلن بالنساء ،
بينما الثالثة كان يشغلها شاب وفتاة جميله فى مقتبل العمر .
كان أمامه رجلا وامرأه منقبة يبدو أنها صديقته ويدور بينهما حديثا أكثره من طرف المرأه بينما الرجل كان منصتاُ ويترك يده لكفيها ويقترب بوجهه من وجهها !
كان هناك منضدة أخرى أمامه يجلس إليها ثلاثة نساء ..
الأولى فى العقد الخامس من العمر ترتدى معطفا أسود وطرحة بيضاء ..
الثانية مثلها فى العمر ترتدى معطفا رماديا وشالا أسود. بينما المرأة الثالثه فارعة الطول بيضاء ممشوقة القوام فى العقد الثالث ترتدى عباءة وطرحة سوداء.
يتأمل الجلوس حوله ويتابعهم ولايعرف لماذا ؟
و يتأمل البحر وبداية الغروب..
قطع تأمله شاب فى مقتبل العمر يسأله :
– حضرتك تشرب إيه
بقى لك مدة مشرفتناش يافندم؟
مبتسما للشاب الصغير وفى نفسه بعضا
من الرضا لأن الشاب يتذكره قال:
– أشكرك ، لم ات منذ أكثر من شهر تقريبا ..
ممكن القهوه ، ياترى تتذكر قهوتي ؟
– القهوة الساده يافندم ..صح ؟
– برافو عليك..
واصل متابعة رواد المقهى وتأملاته ومع إنسحاب الشمس من الأفق كانت هناك ثلاثة ألوان متداخلة
فى السماء ، الرمادي والأسود والسماوي كأن بينهم صراعا ..
اللون الأسود يتكاثر ، ويختفى اللونان الأخرين كلما كثرت السحب السوداء فى السماء .
مع اختفاء الشمس وتراكم السحب السوداء
رواد الشاطئ والمقهى يغادرن.
لم يتبق سوى الشاب والفتاه الجميلة على يساره ، والثلاثة نساء اللاتى يجلسن أمامه بدأن فى
تناول المأكولات ..
غادر الرجل والمرأة المنقبة بعد تبادل لحظات من الهيام والمناوشات بين الأيدي والجباه !
غادر الرجل الذى كان يملأ الهواء برائحة دخان التفاح. وكذلك النساء على يمينه غادرن أيضا.
الشاطئ أصبح خاليا ولاشئ يبدو
سوى بعضا من الأنوار تظهر فى الأفق البعيد
من مركب صيد وسماع صوت ارتطام الموج بصخور مصدات الأمواج.
مازال يتأمل مشهد الكون مع صوت فيروز الذى يتدفق
فى دفء من سماعات كبيرة على أبواب المقهى
“رجعت أيام الشتوية” فيحدث المد ليرقص
الموج فى صخب.
نهض الشاب ومعه الفتاة وتوجها الى الشاطئ..
المرأة البيضاء فارعة الطول تلتقط مقعدها وتتوجه إلى يمين المنضدة التى تجلس اليها ..
وضعت المقعد فوق الرمال ثم أدارت ظهرها للبحر ووقفت رافعةً كفيها بمحاذاة جبينها ،
ألقت بكفها الأيمن فوق الأيسر الذى نام فى هدوء وسكينه فوق صدرها ومالبثت قليلا فى وضعها هذا حتى ركعت ثم نهضت واقفة لتجلس ساجدة ثم تعود للوقوف لتكرر المشهد من جديد حتى جلست لتقرأ التشهد.
كان يتابعها ويتأمل المشهد فى دهشة ..
تحولت مشاهدته إلى الشاطئ ..
كان الفتى فى مواجهة الفتاة وكلاهما يقترب
نحو الأخر فتلاشت بينهما المسافات.
إنتهت المرأه من الصلاة وعادت إلى منضدتها.
بينما الفتى والفتاة مازالا فى حالة عناق !
صاح قائلا :
مازالت الحياة جميله..
قطع تأمله النادل قائلا :
– تطلب حاجه يافندم ؟
– هل أستطيع ان أسالك سؤالا فيه
نوع من الفضول ؟
– حضرتك تأمر ، إسال يافندم.
– رأيتك تتحدث إلى الثلاثة نساء وأنت
تقدم لهن الشاى ، يبدو أن لهجتهن مختلفة عن لهجتنا
هل تعرف من أين ؟
– هن من بلد شقيق
و يأتين كل يوم عند الغروب
حتى تصلى أوسطهن المغرب ثم يغادرن.
شعر أنهن لاحظن نظراته.
كن يتأهبن للمغادره..
أشارت ذات المعطف إلى الشاب لمعرفة
حساب طلباتهن ..
كانت البيضاء الطويلة قد غزت قلبه واستقرت
صورتها فى عقله وحركت فيه شيئا من الحب
انتبه لوجود النادل يستأذن للذهاب إليهن
قال فى رجاء : لتحجز المقعد المواجه
لفارعة الطول غدا
ابتسم الشاب ..
هم بالمغادرة
قال : من يدري لعلها تكون قدري؟!

شاهد أيضاً

متحف محمود خليل…يجمع بين المدارس الفنية التشكيلية

عدد المشاهدات = 1261 بقلم: هبه محمد الأفندي ولد محمد محمود خليل في سنه 1877م …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.