سيبقي فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية درسا سيتم تدريسه في علوم قياس اتجاهات الرأي العام كنموذج علي إمكانية حدوث نتائج عكس ما تؤكده كل الإستطلاعات. فرغم ما اسفرت عنه بحوث الرأي العام من فوز هيلاري كلينتون تأتي النتيجة بفوز دونالد ترامب في صورة واضحة لعدم قدرة هذه الاستطلاعات علي التنبؤ في بعض الأحيان.
فالانتخابات ليست إلا لعبة لا يشترط ان يفوز فيها دائما اللاعب الأكثر مهارة.
فشل الاستطلاعات في التوقع لن يكون هو السبب الوحيد في عدم التعويل عليها كثيرا فيما بعد ’وانما سيضاف الي ذلك سبب آخر يتعلق بطبيعة شخصية الرئيس الجديد ’والذي يبدو انه يسعي دائما لمفاجأة الجميع وإحداث حالة من الدهشة والإبهار كان فوزه بالرئاسة احدها.
انتصر ترامب علي هيلاري "بالقاضية" بعد ان اوسعها عددا لا بأس به من اللكمات كانت آخرها ما تلقته من أموال من النظام القطري ’وهو مالم تتمكن هيلاري من نفيه أو تبريره. وأتصور أن الكثير ممن اختاروا ترامب لم يختاروه قناعة به ’وانما رفضا لهيلاري خاصة بعد ما تم كشفه عن ممارساتها خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية الأمريكية.
وللمرة الأولي يصبح لدي الولايات المتحدة الأمريكية رئيس لا تقبله الغالبية العظمي من الشعب الأمريكي.
فما يقرب من نصف الناخبين لم يختاروه’ وجزء كبير من النصف الآخر اضطر لإختياره رغما عنه رفضا لهيلاري. وفي حين كنا نظن ان الشعوب العربية فقط هي التي تفتقد لعدم القدرة علي اختيار حكامها ’تأتي الأحداث لتثبت ان كل الشعوب مهما كانت درجة وعيها تخوض تجاربها وتتعثر أحيانا لتتعلم من إخفاقاتها وعثراتها.
التعامل مع القاطن الجديد للبيت الأبيض يحتاج الي دهاء الساسة المحنكين لتحقيق أقصي استفادة ممكنة. فهذا النوع من الشخصيات تشبه الألغام التي تحتاج الي من يجيد الاقتراب منها دون ان تنفجر فيه.
فما سيحدثه فوز ترامب من تغيير في حسابات السياسية لعدد من دوائر الصراع علي مستوي العالم ومنها المنطقة العربية علي وجه الخصوص يستدعي الكثير من الترقب ’ولكن بدون اي "اندهاش".
وفي ظل عالم مجنون يصبح ترامب هو الرئيس المناسب لأحد أكبر دول هذا العالم.