السبت , 4 مايو 2024

مصابيح| الرجل بين الحب والخيانة!

= 594

يكتبها: فارس ناصر

ما أكثر الأقاويلِ التي تدور حول نزاهةِ الرجالِ فى الحبِ و مدى صدقهم فى العلاقاتِ. فتنقسم الناسُ لأحزابٍ متفرقةٍ بعضهم يرون الرجالَ ملائكةً خُلقت من النورِ، والبعضُ الأخر وهم الأكثر انتشارًا فى مجتمعنا وفى المجتمعاتِ العربيةِ فى المجملِ يرون أن الرجالَ والخيانةَ وجهان لعملةٍ واحدةٍ. فالرجلُ العربي كما يتصورون هو الرجلُ الذي حتمًا سيخون زوجته بعد الزواجِ بأشهرٍ قليلةٍ على الرغمِ بعلمهم أننا نعيشُ فى مجتمعاتٍ إسلاميةٍ يحكمها القرآنُ والسنةُ و اللذان يُحرمان الخيانةَ شكلًا و موضوعًا. وهنا وقفت أمامَ نفسي قليلًا أقول لها (الرجالُ خائنون؟) فوجدت نفسي أتخلى عن عاطفتي التي قد تؤثر على الإجابةِ لكوني رجلًا سيدافع عن أصدقائه الرجال وبدأ عقلي فى التعبيرِ عن رأيه قائلاً:- (هناك أسبابٌ مختلفةٌ للخيانةِ بالنسبة للرجالِ. فهناك رجلٌ يدفعُ عمره كاملًا لمجردِ الظفرِ بزوجته وما هي إلا أيامٌ قليلةٌ و يزهد فيها و يستعد لتقديمِ عمره للظفرِ بغيرها ومن العجيبِ أنه قد يتشوق لتلك التي زهد فيها بعد أن أطلق زمامها وذلك يعود لمعصيةِ الله بالنظرِ لحرماتِ الناسِ وعدم القدرة على غضِ البصرِ فتثيره شهوته كلما نظر هنا وهناك. هذا النوع هو النوع الأقبح والذي يزيد قبحه إذا كانت زوجته مازالت على زمته وهو يمارس تلك الصفة البغيضة. وهناك من يخون زوجته لإهمالها لبيتها وأولادها وله ولنفسها فيظن أنه بذلك يمتلك رخصةً سحريةً تسمح له بخيانةِ زوجته دون أن يدري أنه بذلك يرتكب أثمًا عظيمًا. فهو بإمكانه نصحها مراتٍ فإن لم تستجب فالطلاقُ أبغض الحلالِ عند الله. وإن نظرت لهذين النوعين ستجد أنهما يشكلان نسبة ضئيلة جدًا من المجتمعِ. وتسأل نفسك ما سبب تلك السمعةِ السيئةِ للرجالِ؟

لن تحتاج إلى البحثِ كثيرًا لكي تصل إلى السببِ فإن فتحت فى أي وقتٍ من أوقاتِ اليومِ المختلفةِ تلفازكَ و قلبت فى القنواتِ سترى رؤيةً واضحةً لا تشوبها شائبة الزوجُ وهو يستغل ذهاب زوجته للعملِ لينفرد بأخرى، و الزوج الذي ينتهز فرصةَ نومِ زوجته مبكرًا فيتسلل تاركًا غرفةَ النومِ متجهًا لغرفةِ الجلوسِ ليسامر زميلته فى العمل التي مازالت زهرةٌ متفتحةٌ لم يصيبها عدوى الزواج، و سترى الزوجةَ وهى تبكي بشدةٍ لرؤيتها المحادثاتِ والرسائلِ الغراميةِ مع النساءِ على هاتفِ زوجها فى غفلةٍ منه، و ستجدها تأكل نفسها كالنيرانِ وهي تتفاجئ بهاتفه يرن فى غياهبِ الفجر، ولعل أحد أهم مشاهدِ الخيانةِ التى ستصدم عينك مشهد الزوجة وهي تعود لبيتها فتجد أخرى فى فراشها مع زوجها الخائن الذئب الجبان. ستتيقن أن الأفلام والمسلسلات تصور همسة الرجل و هزة رأسه على أنها خيانة ستنقل إلى ذهنك أن الخيانةَ دائمةُ التواجدِ فى السهراتِ مع الأصدقاءِ و فى المناسباتِ الإجتماعيةِ والجلساتِ العائليةِ ونتيجة لهذا كلها كان الرجال خائنين!

فكل هذه المشاهد لا تمثل عشرة بالمائة من المجتمعِ. فالحقيقةُ يمكنك أن تراها فى طرقاتِ المستشفى و الزوجُ يبكي لمرضِ زوجته كالأطفالِ ويصرخ فى وجهِ الطبيبِ يقول (أبيع هدومي بس تبقى كويسة يا دكتور). الحقيقةُ يمكنك أن تراها بعد أن تلد الزوجةُ ويتسارع الجميع على المولودِ إلا هو يتسارع يقبل يديها و يطمئن عليها. ستجد الحقيقة واضحة فى حديثه مع أصدقائه وهم يشكون لبعضهم جفاء زوجاتهم وهو يقول (أنا بقى ربنا أداني ست بالدنيا وما فيها). ستجد حبه لزوجته وهو يدنو إليه يقبل رأسها ويديها قبلة رقيقة فى رمضان وفى العيد فى جلسة جماعية مع الأولاد. ستجد حب الزوج لزوجته عندما ترى أباك يوقر أمك ويعطيها بعض حقها . ستراه يُتوج تعبها معكَ ومع أخوتكَ فى مرضكم و تعليمكم و تربيتكم. ستعرف أنهم ظلموا كثيرًا من الرجالِ بتهمةِ الخيانة. فهل خان أبوك أمك يومًا؟ هل خان جدك جدتك يوًما؟. فإن دققت أكثر ستعرف أنهم اهتموا الرجالَ بفقرِ الحبِ وهم أنفسهم من يقضون الآن على الحبِ بعد أن صنعوا جيلًا يرى الحبَ من منصاتِ التواصلِ الإجتماعيةِ التي غيرت مفهوم الحب وجعلته ينتقل إلى قاع الجب.

شاهد أيضاً

“إجمع ما بقى من بقاياك”…بقلم نبيلة حسن عبد المقصود

عدد المشاهدات = 5583 حين يذهب الشغف في طيّات الفتور. ويستوي الأمران.من قربٍ وبعدٍ… حبٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.