الجمعة , 3 مايو 2024

مرفت عبدالعزيز العريمي تكتب: خارطة ذكية

= 1511

Mervat Oraimy 2


الغاية،  أو الاهداف غير المخطط لها  تخطيطا جيدا تعد حلما صعب المنال، كذلك النهوض بالاقتصاد، وإحداث نقلة نوعية بالمجتمع لمواكبة التطور يستوجب تحقيق توازن بين أدوار القطاعين العام والخاص،  فميل أيّة كفة منهما على حساب الآخر يتسبب في إحداث خلل على المنظومة المجتمعية بشكل عام ، ولعل أبرز الملاحظات حول القطاعين  في الدول العربية إنهما يسيران في مسارين مختلفين، ولا يحققان تكاملا  بهدف الارتقاء بمنظومة التنمية ، فقلما نجد مخططا يوضّح مجالات الاستثمار التي تحتاجها الدولة خلال عقد من الزمن والمناطق التي تحتاج أنواعا معينة من الأنشطة،  والخدمات، فالواقع الحقيقي يشير إلى هيمنة أنشطة معينة على حساب الأخرى، وتوزيع عشوائي للاستثمارات،  خصوصا في قطاع المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة،  وهذا يسبّب إحداث  مشكلة اقتصادية أخرى، اما زيادة المعروض،  أو قلته عن حاجه المجتمع، وفي كلتا الحالتين لا يخلق بيئة اقتصادية  صحية أوتنوعا في مصادر الدخل .

فالتخطيط السليم لتحقيق الغايات،  وأهداف بعيدة المدى تكون مبنية على مؤشرات مجتمعية، واقتصادية محلية، وعالمية، في اطار  تكاملي وتشاركي بين مختلف القطاعات .

وميزة التخطيط المسبق خصوصا في الوقت التي يعاني منه العالم من الأزمات الاقتصادية، والسياسية،  والمناخية المختلفة، إنه يوفر الجهد، والمال،  والوقت  من خلال وضع البرامج الزمنية اللازمة لتنفيذ الهدف، والتي تتناول تحديد النشاطات، والبرامج  اللازمة لتحقيق الهدف، وكيفية القيام بها، والترتيب الزمني الى جانب  تحديد المسؤولية عن تنفيذ هذه النشاطات و اختيار البديل  المناسب من بين عدة بدائل متاحة لتنفيذ الهدف المطلوب، وتحديد الإمكانات اللازمة للتنفيذ.

ومن خلال تحليل المعطيات الاقتصادية، والاجتماعية الحالية، فإن اليوم أفضل من أي وقت سبق  في أن نفكر خارج الصندوق، وبطريقة مختلفة، وبتطبيق آليات حققت نجاحات في دول أخرى سبقتنا، وذلك باعداد خرائط للتنمية المستدامة  لما يقل عن ثلاثة عقود قادمة، كما فعلت الدول التي تقدمت  اقتصاديا، وعلميا تشمل كافة القطاعات كالصحة، والتعليم،  والثقافة، والاستثمار، وغيرها في عصر  أصبحت  المعلومة متوفرة  بلمح البصر، وبأقل تكلفة ممكنة أذابت من المسافات الزمنية، والمكانية،  وجعلت من الصعب ممكنا، ومن التواصل المجتمعي، وجمع المعلومات عن الاقاليم، والمناطق، والمحافظات سهلا ، وعلى مدار الساعة ،وبالصوت، والصورة  .

إن التوظيف الأمثل للتقنية الحديثة ليس في اقتناء أكبر عدد من الأجهزة، والمعدات المتطورة، بل  توظيفها لتحقيق جودة عمل أكبر، وفي وقت أقل ، فليس من المنطق في شيء أن  يظل انجاز المعاملة بالمؤسسات خصوصا في القطاع الحكومي   بنفس الوتيرة والسرعة  على الرغم من توفر التقنيات الحديثة اللازمة ، وليس من المعقولأان  لا تمتلك  الدول شبكة متكاملة مترابطة للمعلومات لمختلف القطاعات، وعن  كل شيء في عصر الثورة المعلوماتية ، ونحن متجهين الى عالم الاقتصاد المعرفي.

فالطفرة المعلوماتية  الحالية يمكن أن تسهم في خدمة التنمية، والنمو الاقتصادي،  وفي زمن قياسي إن تمّ توظيفها جيدا وذلك بالتفكير المبتكر وتوظيف التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في بناء مجتمعات ذكية  تعتمد على التكنولوجيا الحديثة بشكل كامل في تقديم خدماتها للجمهور والمستثمرين وفي رصد المؤشرات  الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنافسية  لاعداد اقتصاديات متقدمة .

 خريطة التنمية، أو خرائط الذكية  هما  الحل المناسب للكثير من التحديات التي تواجه الكثير من المجتمعات العربية كالبطالة، ونقص الخدمات الأساسية،  وضعف البنية التحتية ،  فالخرائط التنموية تعطي لصناع القرار رؤية واضحة للحاضر و المستقبل معا وتحافظ على الموارد المالية وتساعد على الإعداد الجيد للكوادر الوطنية، وتحديد الحاجة الفعلية من العمالة الوافدة وفقا للمشروعات،  فتكرار المشكلات الاجتماعية والاقتصادية يشير إلى أن سياسيات التخطيط المتبعة قد لا تكون متوافقة مع المتغيرات الحالية، وهي كثيرة، ومتشعبة، وسريعة التحول على مستوى العالم.

  فخريطة التنمية  الذكية، وأقصد بالذكية أي أنهاخارطة الكترونية  تتجدد باستمرار من خلال المؤشرات، و الاحصائيات التي يتم تغذيتها من كل المناطق، والمحافظات عبر مراكز رصد المعلومات، والبيانات، و على مدار اليوم  بهدف تكوين صورة دقيقة ومتكاملة  لرسم سياسات واضحة تخدم عملية التنمية المستدامة  .

ويتوقف نجاح الخريطة الذكية على مدى واقعيتها، وقابليتها للقياس على الأرض ، بحيث تراعي التوزيع السكاني، والنمو المستقبلي  للسكان في كل مناطق  الدولة ، وتعمل على توظيف الموارد الطبيعية، والمميزات التنافسية لها في رسم خطط تربط بين المناطق لتحقيق تكامل اقتصادي ، كما تشمل الخريطة  عدد المشروعات المتوقع تنفيذها، والفترة الزمنية المحددة  لانجازها، وأماكن تواجدها ، والموارد البشرية المتوقعة  لتنفيذ المشروع،  والتاهيل المطلوب للموارد البشرية قبل تشغيل المشروعات ، فالنمو الاقتصادي السليم يترتكز على  بناء خارطة واضحة للمستقبل وبتفكير مبتكر .

———————-

*مديرة مركز الدراسات والبحوث – مسقط

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10638 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.