الإثنين , 29 أبريل 2024

مرفت العريمي تكتب: لا تغلق باب الأمل!

= 3031

نحن اليوم نعيش في ظروف أفضل مئات المرات من أجدادنا، الذين عانوا الأمرين كي يوفروا لنا حياة كريمة فبإرادة اجدادنا ونظرتهم التفاؤلية للمستقبل نحن نعيش حياة كريمة، تقول العالمة هيلين كيلر “إن التفاؤل هو الإيمان الذي يؤدي إلى الإنجازات ولا يمكن تحقيق أي شيء بدون الأمل والثقة، ويقول خبراء علم النفس إن التفاؤل عبارة عن حالة ذهنية ذات قوة ايجابية كبيرة في حياة الإنسان ويمنحه القوة والثقة كي يواجه الحياة، التفاؤل والأمل يلعب دورا مهما في صحة الإنسان النفسي والجسدي وله دور في تخفيف الضغوطات اليومية والتوتر وتقوية الجهاز المناعي ويحمي الإنسان من الإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية.

لقد أصبح التذمر سمة من سمات العصر فإن كنت مبتسما ومتفائلا تراقبك الأعين بتوجس وريبة ولا تعجب إن تقدم منك شخص وسألك بشجاعة: “ما شاء الله أنت تبتسم!!” ولكن “لماذا.. لماذا أنت سعيد ؟!”

وإن سلمت من هذا وأخذت زمام المبادرة ودعوت بعض الاصدقاء ستسمع الكثير من القصص السوداوية والتذمر هذا يشكو من عمله، وهذا يتأفف من أسرته، والآخر من يضجّ من زحمة الطريق.. ويستمر مسلسل التذمر من كل شيء ولم يعد الكثيرون يرون الغد بعين الأمل والتفاؤل بل نسمع المزيد عن أبواب الأمل تغلق كل يوم.

يقول إيليا ابو ماضي عن فلسفة الحياة:
توقّع، إذا السّماء اكفهرّت ..مطرا يحيي السهولا
قل لقوم يستنزفون المآقي ..هل شفيتم مع البكاء غليلا؟

أتذكر في هذا المقام حكاية ذكرها لي أحد الأصدقاء عن حوار دار بينه وبين جده الذي عاش حياة طويلة دون أن يشكو من أحد أو من شيء يقول كان عند جدي ابن وحيد هاجر منذ أعوام وانقطعت أخباره إلا أن جدي كان متشبثا بأمل العودة .. وقال في إحدى الأيام وأنا أزور جدي رأيته جالسا في الصالة وكان باب البيت مفتوحا فهممت لإغلاقه إذ به يحدثني ويقول: ماذا تفعل؟ لا تغلق الباب !! .. اتركه مفتوحا قليلا.. نعم هكذا أفضل.. سألته: لكن لماذا؟ لقد اتخذ قراره منذ زمن ولن يعود.. لقد مرّت الأعوام والسنون ولم نسمع منه. تمعن النظر إلى السقف وعلامات التفاؤل تكسو وجهه، وقال لا أتفق معك سيعود يوما ما والباب يجب أن يكون مفتوحا لا تغلق باب الأمل إنه الباب الوحيد الذي يجب أن يظل مفتوحا.

ويستطرد صديقي إن ثقة جدي وتفاؤله كان السبب في اتخاذي لقرار البحث عن عمي حتى وجدته واستطعت أن ألم شمل العائلة.

الأمل والتفاؤل سر الصحة الدائمة والعمر الطويل، فالشمس تشرق بعد يوم ملبد بالغيوم.. الموج العاتي يتلاشى في أحضان الرمل، هكذا الحياة أبواب تفتح وأخرى تغلق.. إلا باب الأمل الذي نبقيه مفتوحا حتى نعيش يوما آخر.

إحساس جميل أن تكون متفائلا دائما مهما ضاقت بك الأيام هذا الكم من الهدوء والثقة كنت آراه في المتفائلين ففي أحلك الظروف أجدهم هادئين وصامدين كالجبال.

قرأت في إحدى المرات قصة عن التشبث بالأمل والتفكير المتفائل إن هناك ملك أصدر حكم الإعدام في اثنين من المساجين الأول استقبل الأمر بحزن شديد وأصبح يستعد للموت و يحبس أنفاسه مع كل ساعة تمر وهو في حالة يرثى لها أما السجين الآخر فطرق يفكر في حيلة ليخرج نفسه من هذا المصير المحتوم فأخذ يفكر ويتأمل كافة الفرص التي أمامه وفجأة خطرت بباله فكرة فنادى على السجان بصوت الواثق و التمس منه أن يرى الملك في أمر ضروري ومحتوم.. فسأله السجان: عن الأمر الذي يرغب أن يخبر الملك به. فقال له إنه معلم ومدرب خيول ويستطيع أن يعلم حصان الملك الطيران خلال عام واحد فقط شريطة أن لا يعدم حتى يتمكن أن يقوم بذلك.. وصل الخبر عند الملك ففرح كثيرًا لأنه سيكون أول من يمتلك حصانا طائرا.

وتعجب السجين الآخر من هذا الأمر فسأل السجين الأول هل بإمكانك فعلا تعليم الحصان الطيران؟ قال لا طبعا! فاستطرد وقال لكن لماذا وعدت الملك بأمر مستحيل؟ قال السجين أردت أن امتلك فرصة أخرى ووقتا كافيا كي أفكر في مخرج من السجن ولدي عام بأكمله أستطيع أن أفكر وأجد الحل المناسب خلال ذلك العام أما أن يموت الحصان، أو أن أموت أنا، أو أن يموت الملك، أو أن يتعلم الحصان الطيران.

التفاؤل والأمل قيم فاضلة يجب أن نتحلى بها فهي لن تنزل من السماء كي نتلقفها بل بإرادتنا وسعينا سنكتسبها كما اكتسبها غيرنا، وكما يقول الطغرائي “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”.
————

* مرفت بنت عبد العزيز العريمية، كاتبة عمانية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 7540 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.