الجمعة , 3 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب: الفرصة في الأزمة.. “صناعة الابتكار”!

= 1310

Mervat Oraimy 2


إن الأزمات تخلق فرصا للانطلاق الاقتصادي والبحث عن فرص جديدة لحياة أفضل، وهي تعد محفزا جيدا على الإبداع والابتكار فالحاجة، أم الاختراع، وبداية مشروع (الألف ابتكار) يبدأ بخطوة واحدة، وهي إعداد استراتيجية عربية لدعم العلماء والمبتكرين؛ فالعلاقة بين الاستثمار، والابتكار علاقة وطيدة؛ فكلما زاد عدد الابتكارات نما القطاع الصناعي وبالتالي ينمو الاقتصاد في الدولة ويتحول الاقتصاد تدريجيا من (اقتصاد ريعيّ) إلى (اقتصاد إنتاجيّ) يعتمد على الصناعة .

فمعظم دول العالم التي أرادت الانتقال من العالم الثالث إلى العالم الأول دعمت هذا الاتجاه، وقامت  بإصلاحات هيكلية في البنية التعليمية  واضعة موازنات ضخمة  لدعم العلم الحديث  كالتكنولوجيا. ويمكننا أن نشير في هذا السياق بأنّ الوطن العربي يمتلك الكثير من المقومات التي تمثل عناصر جذب للاستثمار فهي تمتلك الموارد الطبيعية، والموقع المتميز، والكثافة السكانية، واستقرار أمني مقبول في بعض البلدان  إلا أن عدد براءات  الاختراع والابتكارات المسجلة  عالميا  للدول  العربية مجتمعه يبلغ  1,818 اختراع وابتكار  خلال ما يقارب 11 عاما،  للفترة من 2003 إلى 2013 في حين إن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها سجلت ما يقارب 133,593 براءة اختراع  أي 75 ضعفًا لعدد البراءات المسجلة للدول العربية خلال سنوات .

ويواجه الابتكار تحديات كبرى في عالمنا العربي هذه التحديات مستمرة على الرغم من وجود الكفاءات والمواهب التي لا تلقى لها موقعا أو دعما مؤسسيا. ومن أبزر تلك التحديات:
عدم وجود مناخ يشجع الإبداع والابتكار من خلال  إنهاك الباحثين في البيروقراطية الإدارية أو تحويلهم إلى موظفين إداريين متفرغين بعيدين عن المجال الإبداعي، والبحث العلميّ؛ فخلْق المناخ المعرفي يعد من أهم أسس الابتكار وتطوريها، وغياب تحفيز المبدعين والعلماء، وندرة الجامعات البحثية في الوطن العربي، والفجوة العلمية والتقنية العميقة بيننا وبين العالم المتقدم، وعدم وجود سياسة واضحة أو أطر تنظم التعامل مع العلماء والمبتكرين، وتلك البيروقراطية الإدارية التي تساوي بين الموهوبين والعلماء مع غيرهم من الموظفين، وتضخم القطاع العام وضعف القطاع الخاص وضعف مؤسسات التعليم والبحث العلمي وعدم الاهتمام بدعم اللغة العربية والترجمة، وهجرة الكفاءات والعقول العربية  لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية  فما يقارب  50% من المهاجرين العرب من الكفاءات كما أكد  نتائج تقرير  المعرفة العربي لعام 2014  بأن استنزاف العقول العربية وهجرة الشباب  المتعلم  يعد عائقا رئيسًا أمام  نقل وتوطين المعرفة في الوطن العربي، وقلة الاهتمام  بنشر المكتبات العامة، والأندية العلمية والمختبرات العلمية بالمؤسسات التعليمية.

إن الاستثمار الأجنبي يمثل فرصة لتنمية الاقتصاد وعائقا أمام تنمية الابتكار المحلي فوفق تقرير عن الاستثمار العالمي الذي أكد على أن من أهم أسباب بقاء المستثمر الأجنبي في منطقة الخليج بطء وتيرة الابتكار والاعتماد على النفط كمصدر للدخل بالتالي غياب الحافز والدافع نحو الابتكار لاعتماد المجتمع على الاستيراد. كما إنه لا يوجد اتجاه للجذب النوعي للمشاريع يعتمد على جذب المشاريع ذات الطابع العلمي والابتكاري والصناعات الحديثة والصناعات الصديقة للبيئة وفق خطة استراتيجية معدة مسبقا من الحكومات.

 ونظرا للارتباط الوثيق بين التطور العلمي وبناء الاقتصاد فإن نمو قطاع الصناعة يسهم في رفع معدل النمو الاقتصاد المحلي ويساعد على رفع نسبة النمو في القطاعات الأخرى مثل قطاع الزراعة وقطاع الخدمات لأن هناك علاقات ترابط بين قطاع الصناعة والقطاعات الأخرى.

إن أي اتجاه لبناء الاقتصاد يبدأ من تشجيع العلماء وجذب المبدعين  في منظومات عربية مشتركة و بناء تكتل اقتصادي عربي يستطيع أن ينافس التكتلات الدولية والاقليمية، وتأسيس (مؤسسة عربية)  لدعم العلماء والمبتكرين لها فروع في كل دولة عربية، وتطوير البنية العلمية والتعليمية من خلال  تبني توجه التعليم المبنى على الفهم  والتجربة والبحث عن الحقيقة، ودعم الإعلام العلمي والتعليمي لزيادة الوعي بأهمية الابتكار من خلال خطة إعلامية تدعم هذا الاتجاه، وتطوير البنية التحتية في المجال التقني  لدعم الاستثمار وتوطين المعرفة في الوطن العربي واستقطاب العلماء والمبتكرين، وإصلاح الهيكل الإداري للمؤسسات الحكومية بما يخدم تطوير الاستثمار في مجال صناعة الابتكار.

إذن الفرص كثيرة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي بدأت تلقي بظلالها على حياة الفرد والمجتمع وهي بحاجة إلى خطوة متقدمة للأمام وإلى اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب.. فإلى متى ننتظر؟!
————-

 * مدير مركز الدراسات والبحوث – مسقط

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11021 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.