الخميس , 9 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب: استمع إلى صوتِكَ الداخليّ وكنْ سيدَ قرارِك!

= 1159

Mervat Oraimy 2

 

لكل منا اختياراته التي يقوم بها في كل لحظة من حياته  وعلى أساس ما نختاره يتوقف مصيرنا  فلا يكاد يخلو يوما دون أن نتخذ منه خيارات لنا ولغيرنا وتنعكس تبعات اختياراتنا على مسيرة الحياة بكاملها إيجابا، أو سلبا سعادة، أو تعاسة، غير أنّ بعض الخيارات الخاطئة  قد تقودنا لاحقا إلى اتخاذ القرار السليم، أما  الصائب منها  فهي تقودنا إلى النجاح والعيش الكريم .

إنّ الإنسان يعيش في هذه الحياة بين خيارات واختيارات، وقد يصبح أحد الخيارات صعبا من بين تعددت الاختيارات الجيدة المتاحة والمتعددة. إلا أنّ لحظة الاختيار عادة ما تكون مدفوعة  إما  بنزوه غير مدروسة، أو رغبة محسوبة النتائج؛ فالأولى  غالبًا تكون مدفوعة بارتجال، بينما الثانية تكون مسبوقة بحسن التفكير، لذلك لا تتعجب إن شاهدت كثيرين يتألمون  نتيجة اختيارات لم تكن محسوبة جيدًا.

 فعلى سبيل المثال أن يختار الإنسان المبدع والمحب للمغامرة وخوض التحديات المحفوفة بالمخاطر وظيفة روتينة لا مجال للإبداع فيها ثم نُفاجأ بأن يندب حظه العاثر في كل جلسةٍ أو لقاء مع الأهل والأصدقاء.

أو ان يختار رجل شريكةً لحياته بينه وبينها فجوة ثقافية وفكرية كبيرة فلا يجد من تحاوره أو تستوعب فكره فيعيش في حالة من الخرس الزوجي ظالما لنفسه ولها.

أو أن يدرس أحدنا تخصصا لا يتوافق مع ميوله، وقدراته العقلية،  ولا مع يتناسب مع مهاراته، أو رغباته فيعيش في حالة من التعاسة المهنية التي تجر معها أذيال الخيبة واللاإنتاجية فيظلم نفسه ويضرّ بمصلحة الوطن.

 هناك عوامل كثيرة تتحكم في طبيعة اختياراتنا وتؤثر بشكل كبير في طريقة صياغتنا لأي قرار، ومن أجل إيجاد الخيار المناسب يتوجّب الانطلاق من البيئة المحيطة بنا؛ فالمجتمع المحيط بما يحتويه من أصدقاء، وأهل، وأقارب، وما تحكمه من عادات وتقاليد، وقيم ثقافية ودينية، فالمجتمع لما له من تأثير على الطريقة التي نصنع بها قراراتنا وعند الاختيار قد يدفعنا إلى خيارات معينة نختارها إما بدافع اخلاقي حتى لا نتسبب في ضرر لأنفسنا والآخرين، أو بضغوط مجتمعية أصبحت تقاليدًا متعارف عليها.

كما يؤثر التعليم والوعي وتربية الشخص في طبيعة الاختيارات وبذلك يصبح لكل فرد منا نظرة خاصة به ينظر بها غلى الأمور ويتخذ بناءً عليها القرارات التي تتناسب مع فكره ومبادئه وتربيته.

ويحكم العمل ترتبط غالبًا خيارات الفرد بمجموعة من الأنظمة والقوانين والأخلاقيات المهنية والتنافسية التي تدفعه إلى زوايا محددة لا يحيد عنها في أحايين كثيرة وقد تتعارض اختياراته مع  الفعل الصحيح  أو الأخلاقي، أو المقبول اجتماعيا إلا إننا قد نضطر بحكم ضغوط مواثيق العمل إلى ارتكاب الحيل والأحاجي من نوع "خداع جمهور المستهلكين" عبر المبالغة في  الإعلانات التجارية.

وتوصل علماء النفس إلى ان الحوار مع الذات والاستماع غلى صوتنا الداخلي يساعدنا في تحديد الخيارات المناسبة، فعقل الإنسان يعمل بسرعة عندما يكون أمام عدة اختيارات فيقوم باختيار الأوضح في النتائج التي لا تسبب الضرر للفرد . أما في حالة وجود عدة اختيارات متشابهة هنا يقف العقل حائرا أمامها  ويتطلب أن يبني الفرد خياراته بعدما يؤسس قاعدة من المعلومات التي يستقيها من خبراته وتعليمه وتربيته..الخ.

ويرتبك معظم الناس عندما  يواجهون عدة خيارات مناسبة  خصوصا إنْ كانت متعلقة بحياتهم الشخصية أو العاطفية،،، هنا يصبح الاختيار مبنيا على  التفكير بالنتائج القريبة والبعيدة  لتبعات هذا الاختيار  والتخطيط المناسب نحو القرار السليم، وبعيدا عن التشتيت والحيرة  فإن إعداد قائمة  تحتوي على عمودين الأول للسلبيات والثاني للإيجابيات  لكل اختيار  ومن ثم دراستها واختيار القائمة التي تميل فيها كِفَّة الايجابيات  الأخلاقية وترجُح على السلبيات، ويوجب التأكيد على أهمية الصراحة مع النفس عند إعداد هذه القوائم حتى يصبح الخيار صحيحا وأن نتفادى إلحاق الHذى بالNخرين، أو نقوم عمل غير أخلاقي .

أوقات كثيرة نفرط في التفكير في صغائر الأمور ونتعمق بها كثيرا لدرجة أن نهدر من وقتنا الكثير ومن طاقتنا الأكثر. فهناك من الخيارات الواضحة  والبسيطة التي يتطلب منا السرعة في اتخاذها فعلى سبيل المثال اختيار الأنسب من الطعام فالخيار الصحي عادة  لا يتطلب الجهد في التفكير.

وفي بعض الأحايين يتفادى بعضٌ منا استخدام أسلوب العلمي في تحليل الخيارات ودراستها بتمعن وتؤدة  ويفضل النهج العشوائي  علما أن الخطوات العلمية تحمينا من تبعات قد تكون وخيمة في اتخاذ القرارات وانتقاء الخيارات فندفع فاتورة اختيارتنا طوال العمر، فعلى سبيل المثال أن نسأل أنفسنا عدة مرات لماذا فشلنا في الاختيار الصحيح  فالتعمق في التفكير لمعرفة أسباب الفشل يساعدنا في تحديد الخطوة التي تؤدي إلى الاختيار الصحيح، وماهي نتائج اختياري، وماذا سيؤي إليه اختياري ، مواذا  ستكون النتيجة لو حدث عكس ما توقعت… وغيرها من الأسئلة.

ويساعد الحدس الداخلي أو ما يسمى بالحاسة السادسة في توجيه دفة اختياراتنا، فأنت الوحيد الأدرى بما يناسبك  وأنت من تعلم ما هو المناسب والأفضل لك، فاستمع إلى نفسك ..استمع إلى صوتك الداخلي ماذا يقول لك وعندما ذلك يجب أن نكون في حالة يقظة من المشاعر والأحاسيس والصفاء الذهني.

والحدس يساعدنا في سرعة اتخاذ القرار خصوصا إن كنا في حالة تصالح مع النفس  فالشعور بالارتياح تجاه قرار معين أو شخصٍ ما، أو عدم الارتياح هو المؤشر الذي نعتمد عليه في قرارنا فهو يساعدك على الحكم على الأشخاص و الأشياء من حولك.

إن ما نحن عليه الآن في العمل  أو في الأسرة أو المجتمع  نتيجة قرارت اتخذناها بناءا على اختيارت بإرادتنا أو  بضغط من الآخرين،  نعم هناك من الأشياء  لم نخترها  كنوعنا، ولون بشرتنا، وعمرنا، وآبائنا وأمهاتنا  لكن طريقنا وما نفعله في هذه الحياة ومن نصاحبه في هذا الطريق فهو قرارنا النابع من اختيارنا  وفي جميع الأحوال فإن  رضاءك على اختيارك ينبع من قناعتك أنك صاحب هذا القرار  وتحملك لنتائج قراراتك  سواء أكانت إيجابية ام سلبية فهي مسؤوليتك تجاه نفسك وتجاه الآخرين.

————–
* مدير مركز البحوث والدراسات – مسقط.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: وداع يليق بإنسان جميل

عدد المشاهدات = 2584 صدق المبدع مرسى جميل عزيز عندما قال : على طول الحياة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.