السبت , 4 مايو 2024

محمد مهـاود يكتب: صدفة “قصة قصيرة”

= 2693

 

أسير بين الطرقات بخطى خفيفة مرحة فغداً هي ليلة العمر التي يحلم بها كل شاب ، غداً ليلة زفافي، لقد تعبت في حياتي كثيرا ً فبالرغم من صغر سنى الا إنني عملت منذ الصغر أعمالاً شاقة كثيرة ومتنوعة ، تحملت المسئولية منذ الصغر وحملتها على عاتقي قبل أوان طرح ثمارها ، فأبي رجل بسيط الحال من الطبقة المتوسطة والتي انقرضت في زماننا هذا ، ولكن بفضل تعليمه لي ولإخوتي وإصراره على نشأتنا على المبادئ والقيم والمسئولية نشأت أنا وأخوتي بأعلى المؤهلات نتحمل المسئولية ، يسود بيننا الحب والمودة والتعاون ، ولقد تعاونت وأخي في المساهمة بشكل كبير ان لم يكن كلى في زيجات أخواتنا الفتيات اللاتي يصغرن عنا ثم تزوج أخي وها قد حان دوري..

لم أكن متحمساً للفكرة كليا، وذلك لأنني لم أكن تربطني علاقة عاطفيه بفتاة ولو حتى علاقة صامته فلقد أخذني العمل والطموح والسعي إلى المضي أقداما ً في الحياة بدون قلب ، أصبحت ثريا نتيجة للشقاء والعمل والجد والاجتهاد بلا عاطفة مما أثر على علاقتي بالجنس الآخر ، فمنذ حب الشباب بجارتنا والتي كنت اعشقها عشقا ً لم أذق طعم الحب ، منذ فراقنا ليلة كانت معتمه تمطر السماء دمعا ً ، ليلة داكنة متلفحة بسواد القلوب ، طقس صقيع ورياح باردة تلفح الوجوه ،لا أتذكر حتى سبب الفراق ، كل ما اذكره هي، بملامحها الحنونة البريئة الرقيقة وهى تترك أصابعي المبتلة من بين أناملها ، ذهبت لتبقيني وحيداً وسط الأمطار لتختلط دموعي بمياهها فلا تستطيع أن تفرق بينهما، تتساقط موءودة على رصيف الطريق ، لا أعرف لماذا تذكرت هذا المشهد الآن وانا اقف أمام احد المحلات لشراء بدلة الزفاف ، ولكن قلبي كغير عادته يشعر بشيء غريب ، كنت قد أخترت فتاه رقيقة حسنة الخلق للزواج وارتبطت بها في حفل كبير حضره الاهل والاصدقاء ، أي زواج تقليديا ً ، ولكن لا بأس فليس كل ما يرغب به المرء يدركه..

ولكن في هذه اللحظة لم أتخيل قط أن أرى حبى الأول وان تراني، ان تتلامس عينانا مرة أخرى ، نعم رأيتها رأيت محبوبتي القديمة تقف أمامي برونقها ولمعانها لكنها تبدو حزينة رغم ذلك وهى تشترى فستان زفافها من نفس المكان هي الأخرى ، عجيبا ً أنت ايها القدر ، اقف انا ومن أحببت يوماً نشترى مستلزمات ليلة العمر ولكن ليس لنا ، لأشخاص غيرنا غائبين وجب احترامهم، ولكن ها هو قلبي يكاد يقفز من ضلوعي ليسلم عليها ويطمئن بها ، ولكن الضلوع تمنعه من الهرب وتحبسه حتى لا يفعل ما لايدرك وكأن المشاعر كانت مختبئة ومدفونة، وظهر فجأة حنين لحب دفين ، يخفق بين الضلوع ، يخفق كطبول الحرب ، شعرت إنني أقول لها شيئا ً ، تجاوبني هي بعينها المحملقة بعيني وكأنه سلاما ً أو سؤالا ً لا أدرى ، وهممت بالانصراف ولكنها همت هي بجرأة أكثر وألقت إلي بورقة مطوية وانصرفت..

انصرفت وتركتني في حيرتي، التقطت الورقة وافرغت محتواها بسرعة وبيد مرتعشة بعيني، ماذا وجدت ، وجدت ما مزقني ومزق مابي من شظايا قلب منفجر ، جعلت دموعي تسيل كيوم الفراق الممطر ، وعلمت حينها ان الاحساس منتقل كالعدوى كالمرض ، يصل الى الحبيب مهما بعد أو قرب دون ساعي بريد او مراسلات او مكالمات ، الاحساس يصل بدون اجنحة تحمله ، وجدت كلمه لم اتوقعها ولم انتظرها يوما ً قلبت يومي وجعلته حزينا ً بل قلبت حياتي من جديد ، ووجدت لسان حالي ينطق من تلقاء نفسه ويقول مجاوبا ً…أنا أيضا لازلت أحبك.

شاهد أيضاً

“إجمع ما بقى من بقاياك”…بقلم نبيلة حسن عبد المقصود

عدد المشاهدات = 5452 حين يذهب الشغف في طيّات الفتور. ويستوي الأمران.من قربٍ وبعدٍ… حبٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.