الأحد , 28 أبريل 2024

“لُعبة القدر”…قصة قصيرة بقلم مي سامح

= 2837

أؤمن أن الأقدار دائماً تُخبئ لنا شيئاً بداخلِ طياتِها، حياةٌ سريعةٌ كالرياح التي اذا اشتُدت اقتلعت ما حولِها و اذا تهاوَنت تأخذُ منْا جزءً من رَوحِنا و ترحل..

طفلةٌ لا تعلم عن الدنيا إلا القليل ارادت أن تحيا حياةً بسيطةً كالأطفالِ في مثلِ عُمرها، ترسمُ احلاماً، تنسجُ من خيالِها خيوطاً، و لكن حياتها كانت مختلفة بعض الشئ أراد الله أن يختبر صبرِها، كانت تتأمل الجميع من نافذةِ عينيها، تشعر أنها مختلفة، تشعر أنها مميزة رغم كل شئ، لقد تأصَل بداخِلها عادات مجتمعنا منذ قديم الأزل، لتُفاجئ عِند خروجها لعالمِنا أن ليس هذا ما ترَبَت عليه و ليس هذا المجتمع الفاضل الذي يستحق منها تطبيق ما تأصل بها في مجتمعٍ ك هذا! بهذه الحِده و هذا السوء.

لتكبُر أكثر و تعلم أن العالمَ الخارجيّ كاللُعبة التي اذا لم تُجيد لعبها ستخسر في كل مرةٍ لا محالة، و أن ما قد تعلمته ربما ستقوم بإستخدامه أو ربما تقوم بتعليمه لأبناءِها يوماً ما مع التوضيح أن ليس الكل يستحق منا ذلك و أن هذه الارشادات لا تصلح مع الجميع ! لتدخل في مرحلةِ المراهقه و تجد من حولِها يقع بالحُب، نظرةٌ اولي، لمسةٌ لليد يقشعر لها البدن، احاديثٌ لا تنتهي..

كانت تنظر لكلِ هذا و تتحدث لنفسها قائلةً متي سيأتي الوقت المناسب لكيّ يخرج منها بركان المشاعر للشخص الذي سوف يقدِر كل ذلك، لا تريد أن تكون مثل الجميع، لا تريد أن تهدِر كل طاقِتها مع اشخاصٍ لا تستحق! يأتي اليوم لتنضج اكثر و تعيّ أن المشاعر لابد لها أن تصبْ في مكانِها الصحيح، الكل يقوم باستغلالِ طاقتِها، البعض ينهش ما تبقي لها من أمل، البعض يشعر أنها سوف تقوم بالتخلي عن جميع مبادئها التي و طالما حلُمت أنها عندما ستقع في الحب سوف تسير علي النهج الذي يرضي به اللهُ و ترتضيه هي لنفسِها..

لا تعلم إلي متي سوف تتحمل كل ذاك العبث الذي تستيقظ كل صباحٍ لتواجهه! لا تعلم ماذا تريد أن تفعله بحياتِها، لا تعلم إلي متي سوف يستمر آلم التشتت بداخلها، آلم الفتور في العباده، آلم العزله الداخليه الذي يتمكن منها كل يوم يحدُثها أن تجنُب التعامل مع الجميع و أن الصمود وحدها هو الحل و أن بكائها عندما يختلط عليها الأمر افضل من الإفصاحِ لشخصٍ سيري أن هذه مجرد مشاعر مؤقته، سيري أن هذا الآلم مجرد خرافات، سيري أن حزنها كالعَبارةِ التي ستقف في المنتصف قليلاً ثم ستجد طريقها للابحار مجدداً لتعبر بسلام.

إلي أن جاء نِصفها الآخر الذي اخذت تضرع إلي الله كثيراً و رفعت له يدها تناجيه كل ليله أن يأتي من يشاطرها ذاك الآلم إلي أن استجاب لها ربها بعد الحاحها الشديد، آتي هو لتكتشف أنه قد عاني كثيراً في ماضيه، آتي لكي يؤكد لها أن اللهَ رزقنا الحياه لكيّ يلتقي كل شخصٍ بنصفه في وسط الطريق بكلِ هشاشتنا، بروحِنا المُرهقه، بأملنا الضائع، بمشاعرنا التي طغي عليها الفتور، عيننا التي ذبُلت من الحزن، آتي ليآمن خوفِها، ليُضمد جروح الزمن، آتي في وقت الله المناسب ليسعي بكل ما اوتي من قوه لكي يعيد لها ابتسامتها الحقيقية التي قد اختفت من زمن، ليُعيد لها الأمل الذي كانت تحارب لكيّ تُطمئن به نفسِها بأن القادم افضل، ليستعيد شغفه معها و يُعيد لها شغفها الضائع منذ سنوات، ليبحثا معاً عن ذاتهم التي جاهدا في البحث عنها بمفردهِم،

أهداها اللهُ هذه النعمة حتي تجاهد كل ذرةٍ بها لكي تستعيد طاقتها التي تريد أن تستعيدها فقط حتي تسعده من جديد و تأخذ بيده و ترشده لمنزلِ السَكينةِ معها، لكي تشعر بالحياه معه و به مرةً آخري، لتعبُر معه حتي يصلا لبرِ الآمان، ليبتسم ثغرِهما في آنٍ واحد، لتشرق شمسهُما من جديد و تتسلسل اشعتها إلي نافذةِ قلبهم ليحيا معاً الحياه التي تَمنوها سوياً، و ينغمس كلاً منهم في روحِ الآخر لكي يندمجان معاً في روحٍ واحدة.

شاهد أيضاً

إنجي عمار تكتب: قبل ودبر..!

عدد المشاهدات = 7155 قبل ودبر بضم الحرف الاول من كلتا الكلمتين. كلمتان بينهما تضاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.