الجمعة , 3 مايو 2024

فاطمة الرفاعي تكتب: أرجوحة بين الأحلام والكوابيس

= 2440

on-the-full-moon

كانت أرجوحتي تذهب وتجيء حتى أصبت بدوار فسقطت على إثره رأسي بين ركبتي غبت طويلا ثم رفعت رأسي بعد أن أثر ملح دموعي في بشرتي وقد غرقت ركبتاي بماء عيني كنت غارقة بين فيضان الأحلام وطوفان الكوابيس أذكر لكم جانبا منها:

* كنت صغيرة ألهو في حجر أمي ببراءة ودلال، وفجأة تخطفتها يدا الموت فأفقت على كابوس الحرمان والفقد والاشتياق الذي لا أمل له في الحياة وأدعو الله أن يجمعني بها في جنة الرضوان…

* التقيت على مر حياتي بالكثير من الأشخاص الذين بدوا لي طيبين ويتسمون بالنبل والإنسانية، وقد أحسنت بالبعض الظن كثيرا ومضت الأيام وتكشفت الأغراض على تنوعها وبعد الكثير من هذه اللقاءات آمنت أن وراء كل فعل سبب ومبرر…

* كثيرا ما تأملت الخير، وبنيت أبراجا من الأحلام عالية، وسرت أقفز وضحكاتي تملأ الآفاق، ولكني غالبا ما أتعثر في صخرة الواقع بعقباته وآلامه…

* حين يكون المرء طفلا يحلم بالدراسة والعلم وربما المنصب والمال كل حسب ثقافته وبيئته… كنت أحلم أن أصير طبيبة أمسح الدمعات وأذهب الآلام وأرسم البسمات كبوت على مطب الواقع الاجتماعي والتكاليف الثقافية، فانهارت أمنيتي وتجرعت مرارة فقدانها بعد حلم دام طويلا وكبر مع الأيام…

هذه هي الدنيا لا تصفو لأحد، ولو صفت لأحد لصفت لسيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ولله در الشاعر حين جاش قلبه ولسانه بما في نفسي إذ يقول:

ومكلف الأشياء ضدَّ طباعها ** متطلِّب في الماء جذوة نارِ
وإذا رجوت المستحيل فإنَّما ** تبني الرَّجاء على شفير هارِ
العيش نوم والمنيَّة يقظة ** والمرء بينهما خيال سارِ
إنَّ الكواكب في علوِّ مكانها ** لترى صغاراً وهي غير صغارِ
ثوب الرِّياء يشفُّ عمَّا تحته ** فإذا التحفت به فإنّك عارِ
والهون في ظلِّ الهوينا كامن ** وجلالة الأخطار في الأخطارِ
شيئان ينقشعان أوَّل وهلةٍ ** ظلُّ الشَّباب وخلُّة الأشرارِ
ومن الرِّجال مجاهل ومعالم ** ومن النُّجوم غوامض ودراري
والنَّاس مشتبهون في إيرادهم ** وتفاضل الأقوام في الإصدارِ

إلى كل حملة القلوب النقية والمعاني المثالية… يا باحثا عن نبل الخلق والمروؤة المطلقة… قد مضى زمن النبوة والراشدين يامن تظن أن المشاعر هي عرش العلاقات وقوامها… أفق فقد طغت المادية على الكثير إلا من رحم الله.. ياطالب البراءة في عيون الوجهاء وأفعالهم… قد لوثتهم تكاليف المصالح واعتبارات المناصب.

قد يقول قائل: ما العمل هل نسقط في الوحل مع الساقطين؟

لا… بل ضع لؤلؤة الفطرة والبراءة في صدفة حصينة، وأغلق عليها أبواب قلبك، وعامل الناس والواقع بفهم منطقه، وبما لا ينافي طهر اللؤلؤة وأخلاقها…

وسنظل نحن في مكابدة بين آمال الأحلام … ومجابهة بشاعة الكوابيس حتى يقضي الله أمر كان مفعولا… وفي الجنة تصفو الأحلام وتحلو الحياة على غير مثال، وتبدد الكوابيس والمتاعب… على أمل اللقاء بكم في جنة الرضوان.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11238 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.