الخميس , 2 مايو 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب:حالة ثقافية اسمها «الملتقى الأدبي»

= 1520

Abdul razak Rubaiy


خلال حفل تكريم، وتوزيع جوائز الجمعيّة العمانيّة للكتّاب، والأدباء الذي أقامته الجمعيّة بمقرّها الأسبوع الماضي، التقيت القاص محمد اليحيائي، فسألني بحرارة عن الشيخ هلال العامري، لأن وزارة التراث والثقافة تنوي استضافته ليكون «شخصيّة الملتقى الأدبي»، ويسعى لإبلاغه، والتنسيق معه لتصوير فيلم عنه، يعرض ضمن فعاليّات «الملتقى الأدبي والفنّي للشباب»، حسب المسمّى الجديد، بدورته الحادية والعشرين، فسررت كثيرا، لهذه الالتفاتة المنصفة لرجل قاد دفّة سفينة الملتقى منذ انطلاقته، حتى لقّبه الشباب بـ«الأب الروحي»، وعددتُ هذه إضافة جديدة لم يسبق للملتقى أن فعلها في دورته السابقة رغم إنّه كان يدعو مجموعة من الأدباء ضيوفا على فعالياته، أو إشراكهم كأعضاء في لجان التحكيم، أو مشاركين في القراءات الحرّة، والنقاشات في الجلسات المسائيّة المفتوحة التي تقام كلّ ليلة، لتعمّ الفائدة، وليصبح الهامش أوسع من المتن في الكثير من الأحيان.

فقرة «شخصيّة الملتقى» لمسة الوفاء جعلتني استبشر خيرا بأن ثمة دماء جديدة تسري في شرايين الملتقى تتمثّل بمجموعة من الأفكار، لمستها من حديث اليحيائي، ومتابعتي للأخبار المتعلّقة بدورة هذا العام، وآخرها ما ورد في وقائع المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة الرئيسية المتكوّنة من الدكتور هلال الحجري، ومحمد اليحيائي، وسالم البهلولي، ومن بينها إضافة مسابقتي البحث، والنص المسرحي، إلى جانب الشعر، والقصة، وتكريم الشباب الفائزين في النسخة السابقة للملتقى، وإقامة معرض فني يحوي صور بورتريه لهم، وقراءات شعرية، وسردية، وندوات، وحلقات نقاش حول المجالات الأدبية، والفنية المختلفة، ومعرض للخزف، ومجموعة من حلقات العمل في مجالات الفنون التشكيلية لفنانين من داخل وخارج السلطنة- ولا أظنّ إنّ اللجنة الرئيسية سيفوتها تكريم الشاعر الراحل حمد الخروصي، خاصّة إنّه كان من المشاركين في الملتقى، وآخر مشاركة له كانت ضمن لجنة تحكيم الشعر النبطي في الملتقى السابع عشر الذي احتضنته «نزوى»، وأقيمت فعاليّاته على المسرح ذاته- مسرح الشهباء بجامعة نزوى.

هذه الإضافات تأتي في الوقت المناسب على أيدي قيادة ثقافيّة وضعت خبرتها في صالح الملتقى الذي يعدّ من الفعاليّات المعمّرة في الثقافة العمانيّة، فلم تبلغ فعالية في السلطنة، وربما حتى في منطقة الخليج هذا العمر المديد الذي يربو على عقدين، أطاله الله، وخلاله جاب الملتقى مدنا، وولايات، وزرع بذوره، من الإنجازات، وعطاءات المشاركين، في كلّ مكان حلّ به، ومثلما تمدّ الشجرة الوارفة المكان بالظلّ، والثمر، مدّ الملتقى الوسط الثقافي بالكثير من الأسماء التي خرجت من عباءته الفسيحة، وقادت المشهد الثقافي، فلقد كانت بيوضه تفقّس سنويّا عن صقور ما تلبث أن تحلّق في فضاءات الثقافة العمانيّة، فالملتقى هدفه صقل مواهب الشباب الأدبية وإثراء الساحة العمانية بأقلام شابة، ودورة بعد أخرى صار موعدا سنويّا للأدباء من المشاركين وسواهم من الذين شاركوا في الدورات السابقة، وبنوا علاقات إنسانيّة مع بعضهم البعض، ليستعيدوا ذكرياتهم، ويحسب للملتقى إنّه جابه كلّ الظروف الصعبة التي واجهته، ولم يتوقّف، ولا مرّة واحدة.

والمعروف إنّ الفعاليّات الثقافيّة العمانيّة، وحتى بعض العربيّة، لا تمتلك نفسا طويلا، والاستثناءات نادرة جدا، علما بأنّ طول عمر أيّة فعاليّة قد يصبح في غير صالحها إذا استمرّت من باب العزّة بالاستمرار !! لذا وجب تجدّد دمائه وأنشطته لكي لا يدخل السنّ القانونيّة، فيستحقّ التقاعد!

ولي مع دورات الملتقى السابقة ذكريات عديدة في أماكن عديدة، وما زالت علاقاتي مستمرة مع الأدباء الذين كانوا في بدايات انطلاقاتهم، يشاركون كمتسابقين، وتشرّفت باعتمادي ضمن أعضاء لجان التحكيم، في أكثر من سبع دورات، وهم اليوم كبروا، وأصبحت أسماؤهم متحققة يشار إليها بالبنان، ومعظم علاقاتي الوديّة مع الكثير من الأدباء العمانيين نمت، وتوطّدت، تحت خيمة الملتقى منذ سنوات وما زالت مستمرّة، رغم تبدّل الأحوال، كذلك أتاح لي فرصة زيارة العديد من مناطق السلطنة، والتجوّل فيها، والكتابة عنها ليدرج بعضها ضمن فصول كتابي «خطى وأمكنة» الصادر عن بيت «الغشام»، ومنها ولاية «نزوى» التي تحتضن فعاليّات ملتقى العام الحالي ضمن فعاليّات نزوى عاصمة الثقافة الإسلاميّة، وتشهد هذه الإضافات التي تأتي لتفتح أفقا جديدا في عمر الملتقى ليواصل رسالته، متجاوزا مفهوم الفعاليّة ليكون حالة ثقافيّة عمانيّة.

—————–

razaq2005@hotmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10387 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.