السبت , 27 أبريل 2024

“صائد الفئران”…بقلم: عادل عبدالستار العيلة

= 3363

 

فى يوم من أيام 2004 دبت حركة غير عادية فى أحد مستشفيات إسرائيل لإنقاذ حياة مريض ولكن الغريب أن هذا المريض كان أسيرا فلسطينيا، واهتمام إسرائيل به لم يكن سببه رحمة وطيبة قلب إسرائيل ولكن كان إعتقاد منها أن هذا الاسير أصبح رجلهم، فقد حكم عليه فى عدة أحكام كان مجموعها 426 سنة وكان قد قضى منها بالفعل 24 سنة تعلم خلال تلك السنوات اللغة العبرية بإتقان شديد لدرجة إنه وخلال لقاء له مع التلفزيون الاسرائيلى دخل السجن تحدث بالعبرية كآنه واحد منهم.

وقال أثناء اللقاء إن حماس لن تستطيع القضاء على اسرائيل لانها دوله منظمة وتمتلك جيش وسلاح، وقال إنه ينصح حماس باستمرار المفاوضات مع إسرائيل من أجل هدنه طويلة الامد، وقال إن كل ما نتمناه أن تساعدنا إسرائيل على تحسين الوضع الاقتصادى فى غزة وإيجاد فرص عمل لسكان القطاع.

كانت تلك المقابلة وبالاضافة لسمات الشخصية لدى بطل هذا المقال مثل (الهيبه والسيطرة – قدرته على الخطابة والتأثير فى الناس) أن تعتقد إسرائيل إنها استطاعت أن تسيطر عليه، لذلك ومع الوقت أصبحت إسرائيل تلجأ إليه كوسيط بينها وبين حماس فى اى تفاوض بين الطرفين، لدرجة أنها لجأت إليه فى التفاوض فى صفقة الاسير الاسرائيلى الشهير (جلعاد شاليط) والذى ظل لدى حماس 5 سنوات ولم تستطع اسرائيل معرفة او تحديد مكانه لذلك فى النهاية لجأت الى عقد صفقه كان مهندسها الحقيقى هو (يحى السنوار) -بطل المقال- ونجح فى تبديل 1000 أسير مقابل أسير واحد هو جلعاد شاليط.

بل نجح السنوار فى أن يصبح هو نفسه ضمن المفروج عنهم رغم أحكام السجن عليه ب 426 سنة! إعتقادا من إسرائيل إنه قضى زهرة شبابه فى السجن (24 عام) وإنه لا خطوره منه، كما أنها تعتقد إنه كان رجلهم الذى يساعدهم فى المفاوضات مع حماس، إلا أن الواقع كان على خلاف ذلك تماما، فبمجرد خروج يحي السنوار من السجن أصبح هو قائد حركة حماس، واستطاع القضاء على كل جواسيس إسرائيل الموجودين فى قطاع غزة، وهذا ليس بغريب عليه فلقد كان الرجل قبل دخول السجن هو رئيس (وحدة المجد) وهذه الوحده كانت بمثابة جهاز مخابرات حماس، وقد أطلق عليه لقب (صائد الفئران) وذلك لكثرة عدد الجواسيس الذى أوقعهم داخل غزة.

وبدأ السنوار بعد تولى قيادة حماس فى تطوير تدريب جنود حماس، وتعزيز القدرات العسكرية، وقام بتطوير صناعة الصواريخ بمواد محلية الصنع، وقام بأهم أمر من وجهة نظره وهو تحسين العلاقات المتوترة مع مصر، وأعلن فى 2017 أن حماس ليس لها علاقة بجماعة الاخوان المسلمين، لذلك كان هو مهندس المصالحه التى تمت بين حماس والمخابرات المصرية، وقد قام رئيس المخابرات المصريه شخصيا بزيارة غزة واستقبله يحى السنوار، وبدأ السنوار بالتخطيط لطوفان الاقصى دون أن تعلم إسرائيل أى شئ عن الامر وذلك لان كل جواسسها قد سقطوا فى غزة، وأيضا لاعتقادها أن يحى السنوار لن يقوم بشئ ضد مصالح إسرائيل!!

 وفى مقابلة صحفية مع ضابط الشباك الاسرائيلى المسئول عن يحى السنوار قال (كنا نعتقد إننا نعلم عنه ما لا يعلمه هو عن نفسه ولكن الحقيقيه التى اكتشفناها بعد طوفان الاقصى إننا لا نعرف عنه شيئا) وقال أن يحى السنوار نجح وبتفوق فى خداع إسرائيل منذ أن كان داخل السجن وحتى يوم 7 أكتوبر.

وربما هذا يفسر ما قاله وزير دفاع اسرائيل حين صرح وقال أن إنهاء الحرب على غزة متوقف على قتل يحي السنوار، وكآنه يرسل رساله الى أهل غزة بقتل يحى السنوار إذا ارادوا إنتهاء الحرب.

وربما يفسر أيضا تصريح رئيس وزراء إسرائيل حين قال – إن يحي السنوار رجل ميت يمشى على الارض – يقصد إنهم سيقتلونه عاجلا او أجلا!

وهذا التصريح يدل بوضوح فشل إسرائيل فى معرفة او تحديد مكان السنوار رغم كل ما تمتلكه من إمكانات وإلا كانت قتلته فورا!

أخيرا أقول: أن يحي السنوار هو بطل قصة سهل تحكى الا إنها صعب تنسى

حفظ الله كل أهل فلسطين… حفظ الله مصر… أرضا وشعبا وجيشا وأزهرا
———————–
كاتب ومؤلف

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 5553 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.