حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
اجتمع سكان العمارة الشاهقة فى احدى اقدم واكبر وافخم شقق العمارة لرجل يدعوه الجميع بالريس، وهو رجل وقور صارم وجهه مليئ بالقبول، يشع نورا وإتزان صبغه الزمان بلون وسمرة الجبال.
كان سبب الاجتماع المفاجئ هو شكوى وضجر السكان من إهمال عبدة البواب وشكرى حارس الامن بالعمارة ورغبتهما فى الاصراف من عملهما وتغييرهما، بآخرين..وبعد ان اكتمل تواجد الجميع وتم استدعاء البواب والحارس..بدأ الإجتماع..
الريس : اهلا بيكم يا جماعة نورتونى وانا شكر انكوا بتكبروا بيه وبتحكمونى مع انى واحد منكم بس، طبعا انتوا عارفين انتوا بالنسبة لى ايه دى عشرة عمر ده انتوا نور عنيه !!
ساكن شقة ١٩: يتقدم شاب فى العشرينات وارث الشقة عن جده وابوه، اسمحلى يا ريس انا وباقى السكان فى الفترة الاخيرة لاحظنا ان باب العمارة مفتوح وناس بتحوم حواليها كتير والبواب والحارس مش موجودين، وممكن اى حد يدخل فى غفلة من الجميع، علشان كده لازم يمشوا طالما مش شايفين شغلهم يا ريس احنا بندفعلهم عشان يخدمونا ويحمونا يا ريس.
ساكن شقة 10: راجل شيك وباين عليه العز، يا ريس انا زي ما انت عارف من الملاك القدامى فى العمارة، صحيح انا حولت شقتى لشركة وبزنس، بس بردوا ليه زيكوا فى العمارة، ومالى وتجارتى بقوا فى خطر لما العمارة بقت مرتع والحارس دايما مختفى ومش شايف شغله.
ساكن شقة ٣: سيدة فى نهاية الثلاثينات جميلة وكلاس جذابة حتى فى صمتها، تتحدث بثقة: اسمحلى يا ريس انا عايشة لوحدى والمكان غير آمن للجميع، انا بينكوا مطمئنة بس الخوف من الخيل الغريب يندس فى غفلة من الحارس.
ساكن شقة ١٢: شاب وسيم وقور هيئته هيئة العلماء، يتدخل: انت غنى عن التعريف يا ريس، بالنسبة لى انا حاطت اختراعاتى وابحاثى ودراساتى فى شقتى ودلوقتى المكان غير آمن، وانا قلقان.
ساكن شقة ١٨: ياريس انت عارف انا بشتغل ايه، واحب أأكد لسيادتك ان الوصع غير امن بالمرة، وبوجه قاسى مقتضب اكمل كلامه: انت عارف وضع البلد ولازم يكون فى حل امنى اقصد آمن وسريع.
وهنا خرج الريس عن صمته موجها كلامه لشكرى حارس الأمن: وبعدين يا شكرى، ايه كل الشكاوى دى، انت بتسيب مكانك وتروح فين؟ وخد بالك اوعى تكدب ولو مش قادر على الشغل قولها بصراحة واركن ويجي غيرك.
الحارس شكري: ابدا والله يا ريس، انا بس كل ما اتعب اريح شوية، اروح اشربلى كوباية شاى والا سجارة، والله يا ريس ما هتتكرر تانى.
الريس : الكلام ده معناه اهمال جسيم، ولازم يكون ليه حل.
ساكن شقة ٩: فلاح عجوز ثرى وضع الزمان خطوطه وحفرها بقسوة على ملامحه، يضحك بتهكم وبصوت عالي يقول: خيال المآتة هو الحل يا ريس !
سكان العمارة: يهمهمون بصوت متداخل: يعنى ايه الكلام ده؟
الفلاح الثرى : حدانا فى البلد، الفلاح عشان يحمى ارضه من الطيور النباشة، كان يجيب عصايا ويدقها ويلبسها عمه وجلابيه قديمة، فالطير طول الوقت يفتكرها الفلاح ويبعد او يفضل منتظر ان الفلاح يمشى، وهو ما بيمشيش، والعصايه دى بقى اسمها خيال المآته، وهو ده الحل لما البيه الحارس يهمل ويغفل نحطها مكانه عشان المتربصين.. ثم يضحك ضحكة خبيثة تدل على انه يسخر من الجميع.
وهنا يصرخ عم عبده فى سذاجة: لا يا ريس والنبى إلا خيال المآته لو حطناه اللى متربصين لنا ماهماش طيور، دول لصوص ووحوش، واول المتضررين انا يا ريس.
سكان العمارة يضحكون ويرد احدهم وانت بقى متضرر من ايه يا عبده؟ وحيلتك ايه تخاف عليه؟
عبده البواب : ليه يا بهوات انى صحيح ما حلتيش حاجة، وصحيح بشتغل عنديكوا وبودى ولادكوا المدارس وبجيب الوكل وبمسح السلالم وراضى، صحيح ليلى نهار ونهارى ليل وراضى، ما برتحش غير وقت الوكل وبغير الهدمة تحت السلم وراضى، بدارى على الحارس، وبقول ربنا يهدى، وبتشتم من كل السكان كبير وصغير وراضى.
بس يا ريس لو حطيت خيال المآته وعرفوا، اول ما هيهجموا يا هيقتلونى عشان يطلعولكوا، يا هيفتكرونى حداى قرشين يسرقوهم مانا خدام بهوات بقى، يا اما لو عدونى وسقوكوا هتفتقروا انتوا وانا اجوع حتى عن بواقى الاكل الاى بينوبنى منكوا، وابقى يا ريس بدل ما بموت من التعب عشان آكل ، هموت من الجوع عشان انتوا افتقرتوا!
الريس: ينظر لسكان العمارة ولعم عبدة مبتسما ومتسائلا: طيب ما بدل كل ده ليه ما نحميهاش كلنا؟
السكان: ازاى يا ريس نسيب اعمالنا بقى ونقعد نحرسها؟
عم عبده : وانى ما اقدرش يا ريس ده انا يادوب مكفى نفسى وشغلى؟
الريس : فهمتونى غلط، انا اقصد بدل ما السكان طالعة ونازلة مستسهلة تشتم البواب لما ما تلاقيش الحارس، تجيبوا الحارس وتحاسبوه لانه لو كان اتحاسب من الاول كان عرف ان فى حد متابعه وبيحاسبه.
وأضاف: وانت يا عم عبده، بدل ما تسكت وتدعيله بالهدايه وتسمح للجميع يهينك بدل المخطئ ، خليك صادق واعترف انك ساهمت فى ان الحارس يستخدمك ويشيلك اكتر من طاقتك واكل من حقك، وافهم بقى ان آخر حل كان خيال المآته!
وهنا يصرخ عم عبده مرة أخرى فى ذعر: إلا خيال المآته ياريس، ياروح ما بعدك روح، ولو الكرسى فاضى املاه أنا يا ريس، بس بلاش خيال المآته..والبركة فيك برضه، املا بمعرفتك الكراسى الفاضيه وشيل من دماغك خالص خيال المآته ده يا ريس.
