السبت , 4 مايو 2024

سكان القبور: الحياة مع الأموات..أكثر طمأنينة!

= 1388

مها حسن

سكان القبور..ملايين من المصريين الفقراء الذين سقطوا من حسابات الحكومات المصرية المتعاقبة, ولايجدون ما يكفي احتياجاتهم الأساسيه من مأكل ومشرب وملبس فلجأوا إلى السكن في غياهب القبور..في مناطق معتمة تكثر بها الكلاب الضالة والأمراض المستعصية من جانب والعصابات الإجرامية من جانب آخر.

وبمرور السنوات، وتفاقم المشكلات الاقتصادية، تحول سكان المقابر إلى ظاهرة مسيئة ومليئة بالأوجاع والهموم, فهم لديهم أحلام لم تتجاوز العيش بين أربعة جدران خارج المدافن، لأنهم عالم خارج نطاق الحياة سواء الأطفال أو الشباب أو الكبار، يعيشون كالأموات لايختلفون عنهم إلا بقلوبهم التي لاتزال تنبض, فلم تسعهم الأحياء فزحفوا نحو الأموات زحفوا واستقروا بجوارهم وأقلقوا مناهم وإن كان الأموات في راحة منهم.

وتشير الاحصائيات إلى ان سكان القبور في تزايد مستمر، إذ وصل عددهم لأكثر من 6 ملايين مواطن، وينضم إليهم الآلاف سنويا، والحكومة تقف في موقع المتفرج العاجز عن توفير المشاريع التي تستطيع من خلالها أن تنتشل سكان هذه المناطق مما يعيشون فيه من فقر ومرض وتحرش واغتصاب وبلطجة, حتى أصبحت هذه الأماكن بمثابة أماكن تفريغ للمجرمين والبلطجة وتصدير للجرائم والمسجلين الخطر للشارع المصري.

آراء متضاربة رصدتها “حياتي اليوم” لدى سكان المقابر..حين سألنا البعض منهم عن ظروفهم المعيشية بين الأموات؟

في البداية، التقينا مع عائله الحاج محمد شريف، الذين يرون أنهم منعزلون عن العالم الخارجي، ولايشعرون بأية مباهج أو أحزان يمر بها المجتمع الخارجي لأنهم في عزلة تامة عنه, ولأنهم قريبون أكثر من عالم الأموات الصامت.

يقول الحاج محمد: مثلما عشنا داخل المقابر سنموت بداخلها, ونحن نتمنى بالطبع ان نعيش حياة عادية مثل كل الناس خارج المقابر، ولكن إمكانياتنا المادية لا تسمح، وقد تقدمنا بعدة طالبات متتالية للحكومة بتوفير مسكن لهم بلا جدوى.

أما الحاجة عائشة، فتقول إنها راضية بهذه الحياة، وتعيش بخير هنا بجانب الأموات، مؤكدة أنها اعتادت على الإقامة بالمقابر وأن العيش بجانب الأموات بألف سلامة عن غيرهم.

Makaber 2

مشكلات عالم القبور

ولكن الحياة وسط القبور لا تخلو من المشكلات، وفي مقدمتها مسألة الزواج التي عبر عنها كثير من الفتيات وأمهاتهن, ومنهم الأنسة (هبة خير الله) البالغة من العمر 19 عاما, والتي قالت: بأنه إذا علم المتقدم للزواج بأن العروسة من المقابر ينفر فورا، وعبرت عن دهشتها من معاملة رجال الشرطة الذين كثيرا مايكونوا سببا في إقلاق راحتهم عندما يهجمون في أوقات متأخرة من الليل بحثا عن المجرمين والمسجلين الخطر وسط مسكنهم غير مراعين لحرمة المنزل حسب قولها.

كما عبر الكثير منهم عن استائهم من معاملة المسؤولين لسكان المقابر, وقالوا إن المسؤولين يعاملون سكان المقابر معاملة يغلب عليها طابع العداء واللامبالاة.

ويشكو بعض النسوة من سكان المقابر ومنهن كل من مدام (سماح وميرفت وسحر)، من أن بعض سكان المدينة بل وبعض أقاربهن الذين لا يكفون عن معايرتهن بأنهن (بتوع القرافة)، وقالوا: انهم ينظرون إلينا بنظرة كما لو كنا ميتين وصحينا تانى, ونفس المشكلات يواجهها أولادهن حين يذهبون لمدارس خارج القبور.

وعن وقائع التحرش والأفعال غيرالأخلاقية التي تصدر من بعض سكان القبور، برر بعضهم هذه السلوكيات المشينة بأن الظروف التي يعيشون فيها كفيلة بفرزالكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية لدى أطفالهم، وتؤدي بهم لحالة التحرش و الإساءة الأخلاقية التي نراها بالفعل منهم.

 

الأمان مع الأموات

أما عن كيفية تحملهم لمجاورة الموتى، أوضح عدد منهم أن رؤيتهم للمقابر أصبح مشهدا عاديا على عكس غيرهم من سكان المدينة، وقالوا انهم يخشون على أنفسهم من الجرائم التي يتم ارتكابها في أحواش المقابر أكثر من الخوف من مجاورة الموتى.

وأخيرا..واجهنا بعض ساكني القبور بالاتهام الذي يوجه لبعضهم بالتعدي على مقابر الموتى والاتجار في جثثهم..فوجهوا التهمة على الفور لمتعهد الجبانات الذين اتهموه بالعبث بمقابر الموتى. حيث قال (علي رضا) أن الوضع السائد في هذه القضية، ان متعهد الجبانات يحصل على مبالغ مالية من اجل تسليمهم المدافن للعيش فيها، ولكنهم يقومون ببيعها لأكثر من شخص ,وهناك آخرين بعدما يدفنون الموتى يقومون بإخراج الجثة وبيعها بمبالغ مادية كبيرة للسماسرة، وهؤلاء متخصصون في بيع الجثث لطلاب كليات الطب, بحثا عن العمل المادي والمعنوي!

والآن..أصبح المشهد واضحا والمشكلة لم تعد مشكلة نظام بقدر ما أصبحت مشكلة غياب الرؤية لدى الحكومات المتتالية التي تغمض عينيها عن مشاكل ساكني القبور..وكأنهم ليسوا بشرا وليسوا مواطنين.

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 13975 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.