الأربعاء , 1 مايو 2024

د. الهام الدسوقي تكتب: انفعل أيها المعلم..!

= 3179

انفعالاتنا جزء لا يغيب أبداً عن مواقف حياتنا المختلفة، فهي تتداخل مع جميع جوانـب حيـاتنا اليومية ، وتجعل منها شيء ممتع ومتنوع ، وبدونها تصبح الحياة بـلا معنى وقاحلة ، وهي جزء هام من عملية النمو الشاملة و المتكاملة، لأنها أحد الأسس التـي تعمل على بناء الشخصية السوية ، حيث تعمل على توجيه الفرد نحو المسار النمائي الصحيح بكل ما تحمله من عواطف وسلوك وانفعالات مختلفة .

الإنفعال خاصية أساسية وطبيعية لكل موجود إنساني ، وتتيح له أن يستجيب إلى سائر المنبهات الخارجية أو الداخلية ، ويمكن أن نسمي جميع هذه المنبهات الظروف وصفوة القول أن حياتنا النفسية لا تسمى حياة بدون انفعالات.

ولكن عندما انفعل صديقي المعلم المبجل لم يرحمه الجميع بالرغم من أن الانفعال سمة أساسية للبشر عامة فثار عليه الجميع ظانين أنه يجب أن يتعرض لجميع المواقف بلا أي رد فعل يذكر. مع العلم بأن العلماء قد حددوا الكثير من النظريات المفسرة للانفعالات وارجعها البعض للناحية البيولوجية للإنسان وأرجعها البعض للناحية النفسية وفي كلا الحالتين لم ينكروا على الأنسان انفعالاته ونحن نتقبل الانفعالات من أبنائنا وأهلنا وأصدقائنا ولكن إذا صدرت من المعلم فيحاسب عليها .

لن اطيل عليكم أعزائي ولكن لم أتوقع ما حدث عندما لم يستطع أحد المعلمين تحمل عبء العدد الكبير من طلابه في مكان ضيق يعج بالضوضاء وكم العمل المتراكم عليه مسبب أضطراب في طريقة تعامله واستفزاز الطلاب له بمقاطعته فثار عليهم فكان العقاب والجزاء وسيلة ظاهرية لتهدئته وردعه ظانين أنه بهذا لن يكرر ما فعل مع معرفتهم الشديدة بأن أسباب هذا الانفعال لازالت موجودة من ضغط وضوضاء قاتلة وأساليب استفزازية من المحيطين به.
بعمل مراجعة للأدبيات في هذا المجال توصلت إلى أن أغلب الانفعالات المرتبطة بمجال التدريس تتلخص في سبعة انفعالات وهي الاستمتاع, والفخر, والغضب, والقلق, والخجل, والاحساس بالذنب, والشفقة, والملل.

وقد أدرك العلماء أهمية قيام المعلم بتنظيم انفعالاته في حجرة الدراسة بمعني اختيار الانفعال المناسب في الوقت المناسب فلا يعقل أن يظهر المعلم الفخر بينما يجد أحد الطلاب لا يستطيع الاستيعاب أو يظهر الاستمتاع عندما يثير الطلاب المشاكل. فمناسبتها للموقف تتيح للمعلم الحصول على مكانة قيمة في الفصل ومن خلالها يتم تحسين الأداء الشخصي.

ولا يحتاج المعلم إلا الدعم الإجتماعي والمساعدة والاهتمام الذي يمده به الأخرين. وممكن أن يتم من خلال العديد من الوسائل مثل الامداد بالمعلومات والمساعدة بالوسائل المختلفة والتعاطف واهم أنواع الدعم يتمثل في الاهتمام والذي يسهل عملية التأقلم مع الضغوط خلال مراحل الحياة المختلفة. أما المعلم فعليه التعلم الذاتي للتخفيف من أثر الانفعالات التي يواجهها في العمل بحضور التدريبات أو التحدث لأحد الزملاء وهي طرق لا تتبع موقف تعليمي محدد وممكن أن تستخدم خلال مواقف حياتية متعددة.

والغريب أنه بالرغم من معاناة المعلمين فعند سؤالهم عن انفعالاتهم لم يشيرو إلى الصراعات واشاروا إلى السلوك المريح التعاوني واشاروا إلى طبيعة إنفعالية معتدلة لا تميل إلى الوقاحة أو الابتهاج.

وسألت المعلمين أنفسهم عن كيفية التغلب على المواقف فأشاروا إلى العديد من الطرق الوقائية لتعديل الموقف مثل الإعداد الجيد للدروس ومراجعة الدروس السابقة واخبار الطلاب بعدم شعورهم الجيد واستخدام طرق تدريسية معينة مثل نشاط للطلاب للحفاظ على هدؤهم أو مقابلة الطلاب بعد الحصص أو القاء نوع من الفكاهة. والعديد منها لتشتيت الإنتباه مثل التحدث لصديق والتحدث للذات والتفكير الايجابي والجلوس في حجرة المعلمين والذهاب للمدرسة مبكراً وتجاهل الموقف وتحويل الإنتباه إلى موضوع أخر والتحدث إلى الذات.

فأدركت أن الحل بيد المعلم لا غيره فهو من يستطيع فعل كل هذا دون عناء مع الاحتفاظ بسلوكياته السليمة مع مساعدة المحيطين له بالدعم النفسي.

——-

* خبير السلوك المهني.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 9540 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

2 تعليقات

  1. خالد عاطف أبو العزم

    تحليل رائع بلاشك .. وحقا يزول الفعل بزوال مسبباته وليس بالعقاب الذى يمكن أن يكون له مردود عكسى تماما

  2. خالد عاطف أبو العزم

    تحليل رائع بلا شك .. وزوال الفعل يكون بزوال مسبباته وليس بالعقاب الذى يمكن أن يكون له مردود عكسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.