الإثنين , 6 مايو 2024

خلود أبوالمجد تكتب: رسالة للضمائر الغافية..إنها مصر!

= 1528

Kholod Abulmagd 2


تتسارع الأحداث بين ليلة وضحاها، وتكثر القضايا التي يمكن الحديث فيها والكتابة، لكن السؤال الذي ظل يدور في ذهني كثيرا، ما القصد من وراء الحديث والكتابة؟ هل التواجد من أجل إثبات حالة أو لأجل اقتناع بالقضية المثارة وضرورة تحليلها وتقديم حلول لها؟

منذ ذاك الوقت توقفت عن الكتابة وقررت ألا أتواجد إلا إن شعرت بأن ما سأكتبه يمكن أن يعمل تفكير وذهن من يقرؤه ويجعله يبحث داخله عن طريقة للتغيير، فهذا ما نحتاجه في الفترة الحالية التي أقل ما توصف به بأنها حرجة، فالحرب تحيط بنا في مصر من كل اتجاه، إن لم تكن حربنا الداخلية مع الإنسان أشد ضراوة من معركتنا الخارجية، فمن يحاربوننا في الخارج نحن على علم ودراية تامة بهم، بل وأصبحت خططهم وأهدافهم معروفة ومفهومة وسهلة التحليل بالنسبة للكثيرين، حتى رجل الشارع العادي، لكننا بالفعل نحتاج أن نقف كثيرا أمام ما نواجهه من عداء لأنفسنا في الداخل، فمصرنا وانتماؤنا لهذه الأرض أهم كثيرا أن يعاد تأهيله وتأصيله في كثير من النفوس.

سأكتبها مجازا بأني تفاجأت عندما شاهدت عددا لا بأس به أمام ما نواجهه من محاصرة اقتصادية، بدأت رويدا من أعداء الخارج يكتب وتملؤه الشماته فيما يحدث، معبرا عن أنه قدم النصيحة مسبقا وأكد بأن دولة العسكر لن تأخذنا سوى لمجاهل غير معلومة وستزيد من معاناة الفقراء والمقهورين، في تلك الدولة التي أعلنت ثورتها مرتين على أنظمتها الحاكمة، لتطردهم وتأتي بالجديد.

هل يعقل أن نستخف بعقلية المصريين بعد ما قاموا به وبعد أن أفاقوا من غيبوبتهم التي عاشوا فيها لسنوات طويلة؟ جميل أن يكون لدينا معارضة نقوم ونحاسب بها من اخترناه ليقودنا ويمثلنا أمام الأمم، لكن من غير المقبول أن تصبح هذه المعارضة عبئا على الآخرين، تؤذي وتهدم وتعطي الفرصة للأعداء الخارجيين للنفاذ إلى عصب الدولة، فجميعنا وهذا ما بدأت الشك فيه تربى على ضرورة احترام الكبير وإجلاله أمام الآخرين حتى وإن كان مخطئا لنقوم فيما بيننا لاحقا بتقويمه ولفت نظره للخطأ الذي أقدم عليه.

وما وجه اعتراضنا أساسا، فأغلب دساتيرنا العربية تؤكد على ضرورة عدم التعرض لإثنين، الذات الإلهية والحاكم، وهو ما لا تقبله معارضتنا ويثيرها، فحتى الذات الإلهية لم تسلم من الكثير منهم، فلا يمكن أن ندفن رؤوسنا في التراب أكثر ولا نعلن بأننا أمام كارثة فعلية في ارتفاع نسبة الإلحاد في مصر بين الشباب وعدد من المثقفين، وأغلبهم من ينتمون للفصيل المعارض بقوة ويبحث عن ثورة جديدة.

ولكن لماذا لا نرى من هذه المعارضة أي فعل مجدي يجعلنا بالفعل نؤمن بما يؤمنون؟

فعندما أبحث لا أجد منهم سوى أقوال، ولم أوفق لايجاد أية أفعال سوى تأليب الشعب وإحباطه، بل أنهم يحاولون وبقوة لبث إحباطهم لمن يؤمنون بهذه الأرض وبقدرتها على الانتفاض وطرد من يحاول هدمها، وأوجه لهم السؤال أين عملكم؟ أين انجازاتكم المبنية من وحي هذا الشعب وهذه الأرض ومقدراتها بعيدا عن ايمانهم الدفين والكامل بالحلم الأمريكي أو الاوروبي الذي يعيشون داخله منذ سنوات؟

هذه الدول والأحلام التي يعيشون بها ليست أفضل كثيرا مما نعيشه في دولنا العربية أو في مصر، فكل أرجاء البسيطة تختنق من الفساد، وليس وحدنا من نعاني منه، وهذا أعلمه وأعيشه في أرض الاغتراب التي أحيا بها، ففيتامين (واو) أي الواسطة هو ما يحرك مجريات الأمور أين ما كان، فالتركيبة البشرية للإنسان هي السبب وهي ما يجب العمل عليها قبل العمل على الأرض، وهذا ما عمل عليه الغرب وتمكن من تقليصه بنسبة كبيرة، فالعمل هو معيارك هناك وليس أقوالك أو نسبك لأية أسرة حتى وإن كنت ابن الرئيس، فالأخلاق هي ما تهذب أفعال وأقوال وسلوك الإنسان، ولا أرى من معارضتنا سوى رغبتهم المستميتة في القضاء على الأخلاق والتمرد عليها بحجة أنها تحجر وعودة إلى الماضي وغيرها من خزعبلات التمدن التي يطلقونها، متهمين من يتمسك بها بالرجعية.

لا أقف هنا في صف الدفاع أو التطبيل الذي يعيشه البعض أيضا عله يحصل على جزء من (الكعكة) أو عودة الرضا عليهم، بذكر التواجد أو القرب من الرئيس والسفر معه وخلافه، وكأنما هذه الفرصة التي حصل عليها لن تأتي لغيره في يوم من الأيام، وهو الأمر الذي بات مكشوفا وواضحا للجميع حتى للرئاسة نفسها، التي لا يجدي معها مثل تلك الأفعال، فهي ليست كسابقتها في أي من هذه الأمور.

 لكني هنا أحاول ايضاح نقطة أراها من وجهة نظري هي الأهم لبناء وإصلاح هذه الدولة التي حماها رب العالمين كثيرا ومازالت تسير برعايته لها، وهي بناء الإنسان وإعادة تأهيله وتربيته من جديد، ففوضى تكسير القيم والسير بمبدأ (اللي تغلب به إلعب به، والمصالح بتتصالح) التي نعيشها هي السبب الرئيسي في ما نعانيه اليوم في مصر، فالجميع يركض ويتاجر بالشعارات لحساب مصلحته الشخصية، لكنه لا يبحث عن صالح هذا البلد الذي يعاني من أهله وليس حكامه، فحتى إن كان هذا الحاكم ملاكا لن يسعه إصلاح شيء دون تخلي من حوله عن مبدأ مصلحة الفرد مقابل مصلحة الجماعة، فسيكون دوما (كمن ينفخ في إربة مقطوعة) ويصفق بيد واحدة لأن يده الأخرى مقطوعة أيضا.

 فالمعارضون يرغبون في إثبات فشله ليثبتوا بأن رأيهم كان الأصوب، فهم لا يقبلون الاعتراف بخطئهم أبدا، و( المطبلين الزياطين) الذين تصل مجاملتهم حد النفاق يؤذون هذا الرئيس ولا يساعدونه، بل يساعدون أعداءه في الشماته فيه، إذن فالوسطية والاعتدال في المعارضة وأيضا في المساندة هي السبيل لإصلاح الفساد والقضاء عليه تماما، فلا أستوعب حتى الآن أن إسرائيل تلك العدو الصهيوني يحارب منذ أكثر من ستين عاما ليكون لديه أرض يعترف بها الجميع، ونحن المصريين بأرضنا التي ذكرت في القرآن الكريم وحماها رب العالمين وقال إدخلوها آمنين، يحارب أهلها لضياعها منهم.

استيقظ أيها الضمير الغافي في القلوب…فهذه مصر!

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 13610 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.