كم هو محزن ما تعيشه أمتنا العربية والإسلامية من أوضاع وظروف يندي لها الجبين وتتفطر لها القلوب، فصارت صور الدمار و القتل والدم هي من تتسيد وتتصدر المشهد في محطاتها التفزيونية واذاعاتها الإخبارية. فبعد انطلاق ما سُمي بثورات الربيع العربي والتي رُفعت معها الشعارات البراقة وأحلام الشباب انتهى بنا المطاف في معظم أقطار الوطن العربي إلى صراعات مذهبية و طائفية أفضت الى تحويل دول المنطقة إلى ساحات حرب وقتل و دمار فُقتل الشباب والأطفال وثُكلت الأمهات وترملت النساء وشُرد ما تبقى منهم حتى المساجد الآمنة والمصلين نالهم حظ مما آلت إليه الأمور، فانتهت كل مقومات الحياة البسيطة في تلك الدول فما حدث ويحدث في سوريا و العراق و ليبيا واليمن خير شاهد و دليل.
بلا شك أصبحت الحاجة ملحة لتغيير أسلوب ومنهجية الخطاب الديني المعاصر المتصف بالتشددية كونه أحد أهم أسباب الإحتقان والصراع في المنطقة إضافة للأسباب السياسية الأخرى، فمع تضارب الروايات واحتمالية عدم صحة بعض الأحاديث المنقولة نجد أن كل مدرسة دينية تختار وتنتقي من التراث الإسلامي والأحاديث الواردة في كتب السيرة النبوية ما يتلائم ويتناسب فقط مع فكرها ومنهجها والضحية هم الشباب المتحمس لرفع راية الإسلام!
يقول الله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ (٩) [الحجرات] صدق الله العظيم
نظرة بسيطة ومتدبرة في الآية الكريمة أعلاه تقودنا إلى حقيقة قد تكون غائبة عن كثيرين هذه الأيام وخصوصا عند أصحاب الفكر الديني المتشدد والتكفيري، حيث نجد أنه بالرغم من أن الله سبحان وتعالى يؤكد بغي إحدى الطائفتين من المسلمين على الأخرى، إلا أنه عز وجل يثبت الإيمان للطائفتين معا، ولكن مع ذلك نجد فئات من المسلمين يكفرون بعضهم بعضا ويسفكون دماءهم بسبب أمور مذهبية واختلافات فقهية كان الأولى أن تكون رحمة لكنها للأسف تحولت إلى نِقمة بسبب الفهم الضيق للدين لدى البعض!
———–
* كاتب عماني.