الإثنين , 29 أبريل 2024

بيني وبينكم!

= 774


د. إياد قنيبي

بيني وبينكم، أحيانا الواحد فينا يسمع عن معاناة الأنبياء فيهز رأسه أنها كانت معاناة شديدة وأنهم صبروا في سبيل الله ما لم يصبره غيرهم فاستحقوا الإمامة في الدين…نهز رأسنا وفي نفسنا شيء من "التقليل" من حجم هذه المعاناة ! وقد نحس بأن غيرهم أشد بلاء منهم.

أتدرون لماذا؟

بعُد العهد …واختُزلت السنوات في كلمات إذ نقول: (دعا النبي بمكة عشر سنين وقومه يكذبونه و يؤذونه)

عشر كلمات اختزلت عشرة أعوام كاملة بأحزانها وآلامها ومعاناتها !

الواحد فينا يُفترى عليه أو يُسب "إلكترونياً"، فيبقى معكراً سائر النهار!

رسول الله خير منك، وحِسُّه أرهف من حِسِّك، وسابُّه شر من سابِّك، والفرية عليه أكذب من الفرية عليك، ولا تأتيه السبة والافتراء وهو يحتسي القهوة من وراء شاشة الموبايل! بل في وجهه ممن لا يساوي غرزة في نعله!

أتدرون أيضا لماذا "نستقل" معاناة النبي أحيانا؟

أحدنا إذا أوذي مرة: يحلم… مرتين: يصبر…ثلاثا: يضبط أعصابه ويحتسب الأجر… أربعا: ينفد صبره ويغضب و"بيطلع البدري والوخري" ويشتكي ظالمه إلى الناس ويتفتق في المجالس تفتقا ليأتي إلى موضوع ظلمه والافتراء عليه وبراءة ساحته، ويتحين الفرص ليرد لظالمه الصاع صاعين…

بينما…رسول الله، صلى الله عليه وسلم…عشر سنين من المعاناة بمكة…لم يتكلم عنها..ولم ينقلها إلينا في أحاديثه الشريفة!

ولا نعلم منها إلا ما ذكره القرآن مجملا أو نقله مَن رآه في هذه الفترة يؤذى، ولم "يفضفض" رسول الله بشيء منها إلا جوابا عن سؤال، حين سألته عائشة رضي الله عنها عن معاناته فحدثها -بشكل شخصي- برحلة الطائف وما لقيه فيها.

3500 يوم بمكة…في كل يوم إيذاء، سخرية، افتراء، تكذيب، شتم، تهديد…طواها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادخرها عند ربه سبحانه، ولم يمتنَّ بها علينا، ولا أطلعنا على تفاصيلها لنقدر تضحياته..

لقد كان مشغولا عن ذلك بالبناء، وبرسم معالم الطريق إلى الله لندخل الجنة معه….وعانى مثلها من إيذاء المنافقين بالمدينة لتتم عشرون سنة كاملة..

بعد ذلك…بيني وبينكم!

إذا أحس أحدنا باستقلال معاناة النبي فلينظر في المرآة وليقل لنفسه: عيب عليك…وليدعُ: اللهم اجز رسولك عنا خيرا.

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 216 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.