الأحد , 28 أبريل 2024

بورما..جرح المسلمين الغائر

= 6342

بورما – وكالات

معاناة بورما ليست وليدة اليوم..فمسلسل الاضطهاد يعود إلى قرون غابرة في أزمنة التاريخ، فهي الجرح الذي ينزف منذ أمد في جسد الأمة المترهل المتهالك ، وهي المعاناة التي لاتلتئم، فعلى شاشات التلفاز ومواقع التواصل تصرخ في بقايا ضمائر الإنسانية، والوحشية والفظاعات بحق المسلمين في ميانمار تؤلم من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وما ذلك إلا لأنهم قالوا “ربي الله”.

الموقع الجغرافي

تعرف بورما أيضاً باسم ميانمار، و يطلق عليها رسمياً جمهورية اتحاد ميانمار ((بالبورمية: Myanmar long form.svg)). وهي إحدى دول جنوب شرق آسيا على امتداد خليج البنغال.

تحد بورما من الشمال الشرقي الصين، وتحدها الهند وبنغلاديش من الشمال الغربي ،وتشترك حدود بورما مع كل من لاوس وتايلاند ،أما حدودها الجنوبية فسواحل تطل على خليج البنغال والمحيط الهندي ويمتد ذراع من بورما نحو الجنوب الشرقي في شبه جزيرة الملايو ،وتنحصر أرضها بين دائرتي عشرة شمال الاستواء وثمانية وعشرين شمالاً ولقد احتلت بريطانيا بورما في نهاية القرن التاسع عشر وحتى استقلالها في 1948 وتعد يانغون (حاليا رانغون) أكبر مدنها كما كانت العاصمة السابقة للبلاد

مسلمو بورما

دخل الإسلام بورما عن طريق إقليم “أراكان” بواسطة التجار العرب في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد فى القرن السابع الميلادي، حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها 48 ملكًا مسلمًا على التوالي وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، بين عامي 1430م و1784م، وقد تركوا آثارًا إسلامية من مساجد ومدارس.

معظم رجال “الروهينجيا” –اسم أراكان القديم- يعملون في الزراعة والرعي وقليل منهم يشتغلون بالتجارة، أما نساؤهم فيعملن بالحقول وتربية الحيوانات.

ونظرًا لتعدد العناصر المكونة لدولة بورما، فنجد أن معظم سكانها يتحدثون اللغة البورمانية، ويطلق على هؤلاء “البورمان”، أما باقي سكانها فيتحدثون لغات متعددة.

يسكن معظم البورميين فى الريف، وتتكون منازلهم من الخيزران المسقوف بالقش وتكون مرتفعة عن أسطح الأرض، وذلك لحمايتها من الفيضانات والحيوانات المفترسة، يختلف سكان بورما عن بعضهم البعض من حيث التركيب العرقي، فالبورميون هم سلالة شعوب مسلمة من العرب والفرس والأتراك والهنود ومسلمو البنغال والبشتون والصينيون.

انفصلت بورما عن حكومة الهند البريطانية فى أبريل 1937، وذلك بعد اقتراع بشأن بقائها تحت سيطرة مستعمرة الهند البريطانية أو استقلالها لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة.

ازداد عدد السكان من المسلمين خلال فترة الحكم البريطاني فى بورما، بسبب موجات جديدة من هجرة المسلمين الهنود، فضلًا عن أن البريطانيين جلبوا العديد من المسلمين الهنود إلى بورما لمساعدتهم فى الأعمال المكتبية والتجارة.

مأساة المسلمين فى بورما

وبسبب موجات الهجرة، كان معظم المسلمين الذين وصلوا بورما إما تجار أو مستوطنين أو عساكر أو أسرى حرب وضحايا العبودية، لكن بعد الاستقلال تم الإبقاء على الكثير من المسلمين فى مواقعهم السابقة، وشغل الكثير منهم مناصب مهمة فى الدولة.

وقد ساهمت الضغوط الاقتصادية فى ظل الحكم البريطاني في زيادة التوتر العنصري بين البورميين والمهاجرين الهنود من ناحية والسلطات البريطانية من ناحية أخرى، مما أدى إلى ظهور ما سمي بـ”حملة بورما”، حيث نظم البورميون مسيرة إلى بازار مملوك لأحد المسلمين، بعد أن وقعت مشكلة بين صاحبه وأحد البوذيين وقامت الشرطة الهندية بتفريق تلك المظاهرات، التى كانت عنيفة وتسببت فى إصابة 3 رهبان، فاستغلت الصحف البورمية صورًا للشرطة الهندية تهاجم الرهبان البوذيين للتحريض على زيادة انتشار أعمال العنف، فنهب البوذيون متاجر المسلمين، ومنازلهم ومساجدهم التى تم تدميرها بالكامل، وتعرض المسلمون وقتها للاعتداءات والقتل.

سرعان ما انخفضت هذه الزيادة فى أعداد السكان خلال فترة الحكم البريطاني بشكل حاد وذلك بعد عام 1941 بسبب الاتفاقية “الهندية-البورمية”، ثم توقفت تمامًا عند استقلال بورما “ميانمار” فى 4 يناير 1948.

ينتشر المسلمون فى أنحاء بورما على شكل مجتمعات صغيرة، حيث يتركز المسلمون من أصول هندية فى “رانغون”، بينما يتواجد مسلمو بورما الصينيون فى “بانثاي”، أما المسلمون من أصول “مالايو” فيتواجدون في “كاوثاونغ” فى أقصى جنوب بورما ويسمي الأشخاص الذين ينتمون لأصول الملايو أيًا كانت ديانتهم باسم “باشو”، لكن مسلمي “الزربادي” فهم خليط تزاوج رجال من مسلمي جنوب آسيا والشرق الأوسط مع نساء بورما فضلًا عن مجموعة عرقية صغيرة، التي توجد فى ولاية “أراكان” غرب بورما وهو من جذور “روينجية”.

جرائم تاريخية

في عام 1784م احتُلت أراكان من قِبَل الملك البوذي (بوداباي) الذي قام بضم الإقليم إلى ميانمار خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ (أصل هندي)على ذلك.

وفي عام (1824م) احتلت بريطانيا ميانمار، وضمّتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية.

وفي عام (1937م) جعلت بريطانيا ميانمار مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة ميانمار البريطانية.

وفي عام 1938 حيث قام البوذيون بارتكاب مذبحة قتل فيها نحو 30 ألف من المسلمين، وتم إحراق نحو 113 مسجدًا، أما المذبحة الأخرى لهم كانت عام 1942 فى “أراكان” والتى تسببت فى مقتل نحو 100 ألف مسلم، وبعدما استولى الجيش على الحكم فى بورما عام 1962، قام بطرد أكثر من نصف مليون مسلم من الدولة.

بدأت أحوال المسلمين فى بورما تسوء بعد انقلاب الجنرال “ني وين” عندما تولى الحكم عام 1963، وذلك عندما قام بطردهم من الجيش وتعرضت تلك الأقلية للتهميش والإقصاء، فيما وصفت الأغلبية البوذية المسلمين بأنهم “قاتلو بقر” حيث إشارة إلى ذبائحهم من الماشية في عيد الأضحى، واستخدموا ضدهم كلمة “كالا” وهي كلمة عنصرية مهينة تعني الأسود، ووزعت اتهامات بالإرهاب ضد المنظمات الإسلامية مثل اتحاد كل مسلمي بورما.

شردت سلطات بورما أكثر من 300 ألف مسلم فى عام 1978 وقامت بتهجيرهم إلى بنجلاديش، كما ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم مستوطنون فى بورما وذلك فى عام 1982، وعندما فازت المعارضة فى الانتخابات الوحيدة التى أجريت فى بورما عام 1991 –والتى ألغيت نتائجها بعد ذلك- دفع مسلمو بورما الثمن، لأنهم صوتوا لصالح المعارضة فطردوا ما يقرب من نصف مليون مسلم آخرين إلى بنجلاديش.

ظلت هذه التوترات العنصرية بين المسلمين والبوذيين مستمرة، لكنها ازدادت حدة فى عام 2001، وذلك عندما رفض 7 من الرهبان الصغار أن يدفعوا لصاحبة “كشك” مسلمة ثمن كيك أكلوه عندها، فقامت السيدة بضرب أحدهم بينما ضرب زوجها راهبًا آخر على رأسه فنزف وعلى إثر ذلك أضرم البوذيين النار فى مساكن المسلمين وممتلكاتهم.

وفي الآونة الأخيرة أصدرت السلطات الحاكمة فى بورما قرارًا يمنع العاملين والموظفين في الحكومة من إطلاق لحاهم وارتداء الزي الإسلامي في الدوائر الرسمية، وفصل كل من لا يمتثل لهذا الأمر، وقد تم العمل بهذا القرار، وأعفي آلاف المسلمين من وظائفهم لعدم امتثالهم لأمر السلطة بحلق لحاهم وعدم ارتداء الزي الإسلامي.

موقف الأمم المتحدة

بعد تجاهل طويل، اعترفت منظمة العفو الدولية أخيرًا بالانتهاكات الخطيرة، التي يتعرض لها مسلمو بورما، على أيدى جماعات بوذية متطرفة، تحت سمع وبصر الحكومة.

أعلنت الأمم المتحدة أن 123 ألفاً و600 شخص معظمهم من الروهينغا المسلمين هربوا من أعمال العنف في بورما ليلجؤوا إلى بنغلادش.

وبلغ عدد اللاجئين هذه الذروة في الساعات الـ24 الأخيرة مع عبور 37 ألف لاجئ الحدود في يوم واحد.

وتشهد ولاية راخين الفقيرة في بورما التي تقع عند الحدود مع بنغلادش أعمال عنف طائفية يقوم بها بعض البوذيون بحق مسلمين منذ سنوات. واضطرت أقلية الروهينغا للعيش في ظل قيود تطال حرية التحرك والجنسية وتشبه نظام الفصل العنصري.

وأعمال العنف الأخيرة التي اندلعت في أكتوبر بعد أن هاجمت مجموعة صغيرة من الروهينغا عدداً من المراكز الحدودية هي الأسوأ التي تشهدها الولاية منذ سنوات. وتشتبه الأمم المتحدة في أن #الجيش البورمي ارتكب انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية خلال تصديه للهجمات التي استهدفته.

سحب نوبل

بعد مرور ما يقرب من 26 عاما على حصولها على جائزة نوبل، تقديرا لما قامت به في معارضة النظام السياسي ببلادها، أطلق نشطاء حقوقيون من مختلف دول العالم، عريضة عبر موقع “أفاز” الشهير للمطالبة بسحب جائزة نوبل من مستشارة الدولة في ميانمار “أونج سان سو كي”، بسبب صمتها عما تتعرض له أقلية الروهينغا المسلمة من اضطهاد في ولاية راخين، شمال غربي البلاد.

وتجاوز عدد التوقيعات على العريضة 24 ألفا، ويسعى الموقعون إلى إقناع لجنة الجائزة النرويجية بالتراجع عن “تكريم سيدة لم تندد على نحو صريح بما ارتكبه جيش بلادها”، بحسب ما أورده موقع “سكاي نيوز” الإخباري.

وتضيف العريضة، أن الأمر لا يقف عند الصمت، بل إن مكتب المستشارة التي طالما اعتبرت أيقونة نضالية، عاتب نساء الروهينغا اللائي اشتكين الاغتصاب، واتهمتهن باختلاق القصص، وقالت المستشارة أثناء حديث لها مع شخصية دينية في مدينة رانجون جنوبي البلاد، فبراير الماضي، إن المجتمع الدولي يضخم قضية مسلمي الروهينغا.

شاهد أيضاً

المفتي: دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهريا يقع منها واحد في الألف

عدد المشاهدات = 11727 أعلن الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يأتي إلى دار الإفتاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.