السبت , 27 أبريل 2024

الابتزاز العاطفي… والهشاشة النفسية

= 5780

بقلم/ عادل عبد الستار العيلة

هناك أشخاص يتعرضون للابتزاز العاطفي، وهذا الابتزاز في الغالب من يقوم به هم الأشخاص القريبون منهم مثل الأهل أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو الجيران، والابتزاز العاطفي هو أسوأ صور الاستغلال النفسي، شخص يستغلك بكل ما تملك من مشاعر، يخاطب مشاعرك النبيلة لأغراض غير نبيلة، شخص يستغل أدبك وتربيتك وذوقك، شخصا يخاطب إنسانيتك لأن إنسانيته أقل، وفي الغالب من  يستجيبون لهذا الابتزاز العاطفي يتعرضون فيما بعد إلى ما يسمى بالهشاشة النفسية… ومن هنا جاء عنوان المقال وأقول:

الهشاشة النفسية.. تبدأ فى الغالب فى التكوين من الطفولة، وتظهر أكثر فى هؤلاء الذين نشأوا وتربوا على عدم القدرة أن يقول (لا) وأصبح لا يعرف متى وكيف يقول (لا)، وهنا نحن لا ندعو للتمرد بأن نقول لا لكل شئ، وإنما هى دعوة للإتزان النفسي وعدم الاستغلال من الآخر، ومعنى الهشاشة النفسية أن أي كلمة وإن كانت صغيرة تؤثر فيه وتؤلمه، وأن الامر الذى كان يؤلمه دقائق اصبح يؤثر فيه ويؤلمه أياما، ودموعه سريعة النزول حتى دون أن يدري، من السهل أن يتأثر وحياته ترتبك، بل يصل الأمر الى جسده فيبدأ نومه فى الاضطراب، ينام بصعوبه رغم تعبه، ويستيقظ بصعوبة أكثر وكآنه لم ينم دقيقه واحده..

معظم الوقت سرحان وكأنه فى غيبوبة، إنتاجيته تقل، وربما أصابته بعض الامراض، وتظهر كل ملامح الهشاشة النفسية حين يتعرض صاحبها إلى الابتزاز العاطفى لوقت طويل فليس الخطر فى قدر الابتزاز ولكن الخطر فى مدة إستجابتى وتحملى لهذا الابتزاز، لأن هذا الشخص تجده يتحمل مواقف كثيرة، ثم مع مرور الوقت ولعدم تعوده وقدرته منذ الطفوله على قول كلمه (لا) ولأنه مؤدب بطبعه، ويحترم ذاته بطبعه، يجد أن من كان يطلب منه شيئا تفضلا أصبح يطلبه منه وكأنه فرض عليه، وإذا لم يقم به أصبح الشخص السيئ فى نظر الآخر!! سبحان الله..رغم إنه أساسا ليس من واجبه أن يقوم بهذا الشئ.

تحدث الهشاشة النفسية وتظهر ملامحها أكثر حين يظل الشخص مستمرا على ما هو عليه من التحمل وكأنه يهدم نفسه بنفسه معتقدأ او منتظرا أن الآخر سيقدر هذا التحمل وسيشكره أو يتحمل عنه، ولكن الحقيقة أن الآخر لن يتحمل عنك ولن يقدرك. لذلك من المهم جدا أن تعرف ذاتك وأن تعرف قدراتها على التحمل، ولا مانع أن تكون خيرا وشهما ومعطاء، ولكن الممنوع أن يستمر هذا وهو في حقيقته استغلال وابتزاز عاطفي لك.

كثير من الناس تعتقد أن هشاشتها النفسية سببها الضغوط النفسية الكثيرة التي تتعرض لها في الحياة، ولكن هؤلاء عليهم أن يعلموا أن الضغط النفسي من سمات الحياة، وإذا اعتقدت في يوم ما أن تعيش بلا ضغوط فتأكد أنك ميت ولست حيا، وأنت ميت فقط لا يوجد عليك ضغوط، لأن الطبيعي أن جسمك يتحرك بالضغط، أنت تنجز بالضغط وهكذا، وهذا ما يسمى بالضغط الإيجابي، ولكن حين يزيد هذا الضغط عن حده يبدأ في صناعة المشاكل لك سواء نفسية أو جسمانية.

وهنا يأتي السؤال المهم: ما الذي يجعل شخص رغم وجود الضغط النفسي عليه إلا إنه يكمل عادى وينجح، ونجد شخصا آخر لديه نفس الضغوط النفسية إلا إنه سقط وفشل؟

والإجابة أن المشكلة ليست فى حجم الضغط النفسى الذى أتعرض له كما ذكرنا من قبل، ولكن المشكلة فى مدة تعرضى لهذا الضغط، وتظهر المشاكل دائما للاشخاص الذين يتحملون كثيرا من الضغوط ولفترات طويلة على أمل إنه سوف يتكيف مع تلك الضغوط، والحقيقه إنه لا يتكيف ولكنه يتحمل من أجل غيره ولا يعلن هذا، ويتخيل إنه حين يضغط على نفسه من أجل غيره فهذا أمر جيد حسب اعتقاده ومفهومه، وهو لا يدرى إنه يهدم نفسه بنفسه.

أكرر.. هذه ليست دعوة للندالة أو عدم العطاء والشهامة، ولكنها دعوة لتوازن هذا العطاء وتلك الشهامة، وهناك مثل واضح على هذا ففى “الصدقات” مثلا المطلوب منك أن تتحرى عمن يستحق، وهكذا عطاؤك وشهامتك يجب أن تتحرى أيضا لمن ستكون.. فعليك أن تحسن الاختيار حتى لا تتعرض إلى كل ما سبق ذكره.

(حفظ الله مصر… أرضا وشعبا وجيشا وأزهرا)
———————
* كاتب ومؤلف

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 4542 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.