الإثنين , 29 أبريل 2024
الكاتبة والداعية فاطمة موسى

الإسلام…بين حد السيف وحرية العقيدة

= 2094

ألم تسأل نفسك يوما: لماذا سمح الله بالقتال للمسلمين في العهد المدني دون العهد المكي؟
وألم تسأل نفسك يوما: كيف يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الكافرون: “لكم دينكم ولي دين”؛ و في سورة الكهف: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ) ،وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الحديث (عَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ) مُتفقٌ عليه.
فهيا بنا نجيب عن كل هذه التساؤلات التي حيرت كثيرا.
لو تتبعنا كل الأنبياء في دعواتهم لعبادة الله عز وجل لن نجد نبيا من الأنبياء استخدم القتال أو الإجبار كوسيلة من وسائل تبليغ دعوته على الإيمان بالله تعالى وظلوا يدعون لعبادة الله عز وجل بألسنتهم و بالحجة و بالإقناع مهما بلغ أذى من لم يؤمنوا بدعوته .

ولم يذكر أن نبيا خاض قتالا إلا ثلاث انبياء، هم: سيدنا داود وسيدنا سليمان وسيدنا محمد رسول الله عليهم الصلاة والسلام.. فماذا حدث لكى يختلفوا هذا الاختلاف؟

سيدنا سليمان وسيدنا داود عليهما السلام أوتيا بجانب النبوة الحكم، فقد كانا حاكمين وقائدين حربيين .

أما سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمح له بالقتال ولا حتى برد الأذى في العهد المكي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مهمته في العهد المكي هى توصيل العقيدة فقط، فقد كان نبيا مهمته الأولى والأخيرة أن يبلغ الدعوة، ولذلك لم يسمح له بالقتال في العهد المكي، فلما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأصبح بجانب نبوته حاكما للمدينة، وبدأ يدخل إلى الجانب الدعوى جانبا آخر، وهو حكم الدولة وتنظيمها والدفاع عنها كدولة كانت مستهدفة فى هذا الوقت من كل القبائل، وأن يضع دستورا لم يوضع من قبل، وهو: كيفية استخدام القوة فى إطار دينى، ليس فيه تعدٍ ولا ضعف ولا مهانة أمام كل معتدٍ يحاول أن يتعدى على أى دولة قائمة بصورة شرعية.

فمن هنا نعلم أن الأمر بالقتال لم يكن له صلة بانتشار الدين الإسلامي ولا بتوصيل العقيدة، ولكن كان له صلة بالهجوم المستمر من المشركين على الدولة المتمثلة فى المدينة فى هذا الوقت، التي كان يحكمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمح له بالقتال في الآية الكريمة في سوره الحج: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) ثم قال تعالى فى سورة البقرة: (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا).

وسار من بعده الأئمة الراشدون، ومن يتعلل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرتُ أن أقاتل الناس.. السابق ) فمعناه :أنه عندما تتوفر أسباب القتال المشروعة في الإسلام وهي: قتال من يعتدى على الدولة، فيجب على الدولة الدفاع والحفاظ على أراضيها بكل حزم وقوة، وليس الهجوم على أي أحد، فإن بدأ القتال وأعلن الطرف الآخر إسلامه أو استسلامه في هذه اللحظة لا يجوز الاستمرار فى القتال، وبذلك نرى تفسير هذا الحديث يظهر في موقف الرسول من العبد “وحشى” الذي قتل سيدنا حمزة بن عبد المطلب.

يروى “وحشى” قصة إسلامه فيقول: فلما فتح رسول الله مكة هربتُ إلى الطائف، فلما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت علىّ الأرض بما رحبت، وقلت بالشام أو اليمن أو بعض البلاد، فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال رجل: والله إن يقتل -أي لا يقتل- محمدًا أحدًا يدخل في دينه، فخرجتُ حتى قدمتُ المدينة على رسول الله، فدخلتُ عليه في خفة وحذر، ومضيتُ نحوه حتى صرتُ فوق رأسه، وقلتُ: أشهد أن لا إله إلا الله، فلما سمع الشهادتين، رفع رأسه إليّ، فلما عرفني ردَّ بصره عنى، وقال: “أوحشيٌ أنت؟” قلتُ: نعم يا رسول الله، فقال: “اقعد وحدثني كيف قتلت حمزة؟” فقعدتُ فحدثته خبره، فلما فرغتُ من حديثى أشاح بوجهه وقال: “ويحك يا وحشي، غيِّبْ عنى وجهك، فلا أرينك بعد اليوم”. فلم يحاسبه رسول الله على قتل أحب الناس إليه عندما أعلن إسلامه.

ولو تتبعنا كل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم جميعا رأينا أن كل أسبابها سياسية واقتصادية واجتماعية تخص الدولة التي كانت موجودة في هذا الوقت بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، فديننا يأمرنا بأن نقف كالأسود أمام المعتدى حفاظا على أمن الدولة، ونمد يد التسامح لكل إنسان لم يردنا بسوء ولم يبادرنا بالقتال.

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 18 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.