حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
بعد محاضرة طويلة ..دارت بها مناقشات عديدة ..وتدريبات شاقة ..منا من كان موفقا ومنا من كان غير موفق ..
نظر الينا المدرب و العالم الكبير ..الدكتور ابراهيم الفقى رحمه الله ..وسألنا سؤال بكل جدية لم نتوقعه:
إنت عايش و للا ميت ؟
ضج المدرج بالهمس فقال بخفة ظله المعتادة:
ما تستغربش ..لأن فى ناس كتير هنا معاكم ماتوا من زمااان ..بس ماحدش قالهم ..يابنى انت ميت ..بس ماحدش قالك ..انت فاهم ؟
و من هنا بدأت أعرف مفهوم جديد للموت والحياة ..
إزاى تكون عايش وبتتنفس رغم رحيلك عن الحياة ..وازاى تكون ميت رغم انفاسك ووجودك الجسدى ..
وأكد على مفهومى الجديد مثل صينى بيقول:
(يموت الانسان ..عندما يختفى من ذاكرة الناس )
سواء بقى كان رحل عن الحياة ..أو مازال على قيد الحياة ..
و مثل آخر يقول :
(أسوأ من كلام الناس عليك ..هو اللا يتكلموا عليك )
إذن البقاء أو الرحيل مرتبط إرتباطا وثيقا بوجودك داخل الآخرين ..وبحجم الإنجاز الذي حققته لهم والبصمة التى تركتها فيهم ..وقيمتها وبقاءها وتأثيرها ..
وده ممكن نطبقه على قادة وزعماء ومشايخ وعلماء بارزين في العالم مازالت أسماؤهم وانجازاتهم فى كتب التاريخ..وبتتنفس فى عقول الاجيال ..
وفنانيين وكتاب ومفكرين ..ومخترعين ومكتشفين ..وغيرهم
وناس بسيطة فى قرى وأحياء شعبية لهم تأثير جميل وسيرة عطرة بين الناس ..وناس طيبين مكشوف عنهم الحجاب بيقولوا عليهم اولياء الله الصالحين ..
فى ناس كتير رحلوا عن الحياة بأجسادهم ..لكن عايشين ..
فمثلا ازاى ممكن يموت طلعت حرب باشا وبنوك مصر شغالة في كل مكان ..وازاى تموت أم كلثوم وصوتها الجميل مازال بيطرب الآذان و..و..و هكذا يعيش الانسان مئات بل الآف السنين بحسب إنجازه..وتأثيره ..وبقاءه فى وجدان الأحياء
فهل شعرت يوما ان سيدنا ابراهيم أبو الأنبياء مات؟ و هكذا جميع الرسل والانبياء ..هم أحياء على مر العصور ..لأنهم أصحاب رسالة ربانية لا تموت.
هكذا لابد ان ننظر إلى الموت والحياة..
والأمر لا يقتصر على الأفراد..
فهناك شعوب بأكملها ماتت وتعفنت ولم تعلم ..وشعوب اخرى صنعت حضارتها واهدتها للبشرية ..وربما رحلت ولكن دون رحيل .
