الأحد , 5 مايو 2024

إجابة السؤال الصعب: لماذا انتشر الإلحاد فى مصر؟

= 1590


الدين الإسلامي : مرتدون يجب استتابتهم أو قتلهم بموافقة القضاء وإذن الحاكم
الدين المسيحي: حادوا عن طريق الإيمان ويجب مناقشتهم للعودة إلى الله
علم النفس: تخبطات سياسية واجتماعية طوال 60 عاما أدت لانتشار الظاهرة

مها حسن

"هواة الجدل"..هكذا وصفهم المفكر الإسلامى الدكتور مصطفى محمود في كتابه "حوار مع صديقي الملحد" …ما هي الروح.. هل الثواب والعقاب والجنة والنار وغيرها من الغيبيات حقيقة… ما هو الإله…ما حقيقة وجود الله  ..من الذي خلق السماء والأرض …أسئلة كثيرة يثيرها من يطلقون على أنفسهم "ملحدون"…إيمانهم بالواقع الملموس وإنكارهم الغيبيات, كان السبب الرئيسي لاتجاه تلك الفئة إلى إنكار الإله, تجد بين الملحدين من له أصل مسلم وآخر مسيحي ولكن القاسم بينهم واحد إنكار وجود الإله..
قد يستخف البعض بالظاهرة أو يعتبره الملحدين نقطة في بحر دولة كبيرة مثل مصر تعداد سكانها قارب على 90 مليون نسمة، وعلى الرغم من ضآلة أعدادهم إلا أنها ازادات مؤخرا وبالتحديد في أعقاب ثورة 25 يناير, وظهرت صفحات خاصة بالملحدين على مواقع التواصل الاجتماعي، يتحدثون فيها عن أفكارهم ويشككون في الأديان…
"حياتي اليوم" حاورت بعض الملحدين من خلفيات إسلامية وأخرى مسيحية منهم من رفض ذكر اسمه خوفا على سلامته وآخرين تحدثوا عن تجربتهم بدون أي محاذير, كما حاولنا عرض وجه نظر الدين في تلك الظاهرة وتقييم علم النفس لشخصية الملحد..

حالات ملحدة

في البداية..يروى البير صابر أحد مشاهير الملحدين والمتهم سابقا بترويج الفيلم المسيء للرسول قصته مع الإلحاد، قائلا إنه أقدم على الإلحاد بعد دراسته بكلية الآداب قسم الفلسفة ودراسته مقارنة الأديان, مضيفا بأنه اقتنع بأفكار الإلحاد وانكار وجود الإله والثواب والعقاب عام 2005..

ويضيف صابر، بأنه أخفى إلحاده قبل الثورة وفي شهر مايو من عام 2011م, تم اتهامه بالإلحاد من قبل بعض نشطاء موقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" نظرا لاشتراكه ببعض الصفحات المسيئة للأديان والخاصة الملحدين, ووقتها أقدم على الافصاح عن معتقداته.
ويضيف صابر، أن أعداد الملحدين المصريين في تزايد مستمر وأنهم يصلون حاليا وفقا لتقدرياته الشخصية إلى قرابة المليون ملحد في مصر, مشيرا إلى أن هناك ملحدين من خلفية إسلامية سلفية وأزهرية وهناك ملحدين من خلفية قبطية.
البير غادر البلاد في أعقاب قضيته الشهيرة حيث يعيش الآن في أوروبا , وبالتحديد في فرنسا, وعن خروجه من مصر يقول البير إنه شعر أن عائلته والمقربين منه في خطر نتيجة معتقداته الدينية ولذلك أقدم على السفر إلى فرنسا, مضيفا بأن منظمة العفو الدولية سهلت إجراءت سفره وخروجه من مصر, كما ساعدته أثناء فترة حبسه ودافعت عنه وطالبت بإطلاق سراحه.
ويتحدث "ح.ج" ملحد من خلفية إسلامية، عن أنه أقدم على الإلحاد في أعقاب الثورة بعدما قرأ كتابات بعض الكتاب الملحدين وإنكارهم لوجود الإله والروح وغيرها من الغيبيات, مضيفا بأنه لايؤمن بوجود قوة منظمة تدير الكون وتسيطر عليه بالإضافة إلى اختلاف الديانات في تفسيرها لحقيقة الإله وعدم وجود دلائل واضحة عن وجوده على حد تعبيره.
ويفجر "ح.ج"، مفاجاة بأنه على تواصل مع بعض الشباب الملحد ومنهم من يدرس في الأزهر ومنهم من هو من خلفية سلفية مثل "أحمد حسين حكران", وهو أحد مشاهير الملحدين في مصر ويعيش في الإسكندرية وجاء من أسرة سلفية متدينة ولكنه اعتنق أفكار الملحدين.
ويؤكد"ح.ج"، أن هناك تزايد لأعداد الملحدين في مصر وخاصة بعد الثورة , حيث أصبح البعض منهم يشاهر بإلحاده بعدما كان يتخوف من الملاحقات الأمنية قبل الثورة.
ويعزى"ح.ج"، تزايد أعداد الملحدين إلى بعض الشيوخ والقساوسة الذين يتبادلوا التكفير والحديث عن ديانتهم الصحيحة وأن باقى الديانات على خطأ, بالإضافة إلى أسباب سياسية واقتصادية بعدما شوه بعض ممثلي التيارات الدينية صورة الدين.
ويقول"إيفان" وهو ملحد من أصل مسيحي، وجدت في نصوص "الإنجيل" ما يختلف مع عقلي ومتطلبات الواقع كما فوجئت بمتناقضات كثيرة , وهو ما جعلني أتخذ قراري بالإلحاد, وعلى الرغم من تدين أهلي وأسئلتهم الدائمة لي: لماذا لا تقرأ الإنجيل؟ لماذا لا تذهب إلى القداس ؟ لماذا لا تصوم..الخ , إلا أني كنت دائم التحجج بالانشغال تارة والمرض تارة أخرى ,إلى أن صارحتهم بالحقيقة فاتهموني بالكفر.
وتابع "إيفان"، ان تجربته مع الإلحاد بدأت في أعقاب ثورة 25 يناير والتي جعلت المجتمع المصري يعلن عن آرائه بوضوح اتجهت إلى إعلان إلحادي بين أصدقائي.
وعن اعتقاده بوجود الجنة والنار يقول "إيفان"، الجنة والنار من ابداعات العقل البشري والذي دائما ما يحاول تفسير تصرفاته بوجود قوى أكبر وأعظم منه تتحكم في مصيره, ولذلك لجأ الإنسان إلى الاعتقاد بوجود إله يدير الكون ويدخل الجنة والنار, ومعتقداتي لا تؤمن بذلك إطلاقا.

تفسير علماء الدين

وقد سألنا أحد علماء الدين الإسلامي، فقال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، ان تفشي ظاهرة الإلحاد أو الشك بالأديان والغيبيات يعود إلى سوء فهم جوهر الدين, باعتبار هولاء الملحدين قاموا بقياس حقيقة الدين على أخلاق متصدري المشهد الديني وبعض شيوخ الفضائيات, وسط سيل من الألفاظ الخادشة للحياء والخوض في الأعراض وممارسة البلطجة الفكرية والثراء الفاحش لبعض المتحدثين عن الزهد, مما يخلق حالة من الشك في رموز الدين بشكل عام وبالتالي الشك في الدين نفسه وصحته.
وأشار كريمة، إلى ان تلك التصرفات التي تصدر ممن يمثلون الدين يقود الشباب إلى الشك أو الردة في ظل سلطة وشيوخ تناقض تصرفاتهم أخلاق الإسلام الحق, مضيفا بأن هناك جانب آخر أدى لانتشار الإلحاد وهو غياب الدعوة الإسلامية الصحيحة واستغراق بعض رجال الدين في الشكليات على حساب جوهر الإسلام الحقيقي وأخلاقه.
وأكد كريمة، على أن حكم الملحد أو المرتد هو الاستتابة لمدة ثلاثة أيام لإزالة الشبهات وذلك عن طريق النقاش والحوار مع علماء الدين, وإن أصر الملحد على ردته فإن حكم القضاء وقتها بأن يفرق بينه وبين زوجته المسلمة ولا يرث الآخرين, وإذا اصدر القاضي حكم بقتله وأذن الحاكم بذلك فإنه يقتل, مشددا على وجوب اجتماع حكم القاضي وإذن الحاكم معا لتطبيق الحد عليه.
واعتبر كريمة، أن إقدام البعض على المجاهرة بالإلحاد فتنة, لعن الله من أيقظها فهى أشد من القتل, مؤكدا على أن انتشار ظاهرة الردة أو الإلحاد من علامات الساعة.

رأي الكنيسة

وعن رأي الكنيسة، قال القمص عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة العذراء بالمطرية،  أن التطرف في كل شيء هو السبب الرئيسي لظهور مثل هذه الظاهرة في مجتمعنا , مضيفا بأن الفترة الأخيرة شهدت أكبر مساحة للتطرف الديني خاصة مع كثرة القنوات الفضائية غير الرسمية والتي تدعو بشكل علني ليل نهار للتطرف.
وأشار عبد المسيح، إلى  أن هذه الظاهرة منتشرة بشكل محدود في الدين المسيحي, ذلك بأن المسيحية دين سمح ولا يدعو للتطرف أبدا.
أما عن حكم من يخرج عن المسيحية, قال عبد المسيح أنه لا توجد أحكام عليهم ولكن الكهنة والآباء يصلون لهدايتهم إلى الحق  ومحاولة النقاش معهم لإعادتهم إلى طريق الإيمانى مرة أخرى.
واعتبر عبد المسيح، أن ما يعانيه مسيحي مصر يجعلهم أكثر قوة وتمسك بعقيدتهم الراسخه, مؤكدا أن هذه الظاهرة لم تتسع أبدا في المسيحية حتى الآن واصفا إياها بالحالات الفردية ولم تبلغ مصطلح "ظاهرة", داعيا رجال الدين الإسلامي والمسيحي للتحلي بالوسطية والسماحة والمحبة.

العلاج النفسي

ومن جانبه، قال إسماعيل صبري مدرس مساعد للطب النفسي بطب الأزهر، أن عدم الإحساس بالأمان هو العامل الأساسي في توجه البعض لعدم الاعتراف بوجود إله, مشيرا إلى أن الإلحاد هو الكفر بكافة الآلهة وعدم الاعتراف بوجود الله ويأتي بعد أن يفقد الإنسان الأمان.
وأضاف أستاذ الطب النفسي أن السلطة الحاكمة أيا كان انتماؤها السياسي وتوجهها بمجرد أن تحرم المواطنيين من إحساس الأمان فنجد انتشار مثل هذه الظواهر.
واستطرد قائلا، عشنا فترات كبيرة من زماننا المعاصر خاصة طيلة ال60 عاما الماضية تخبطات سياسية واجتماعية كبيرة وحتى الآن فبالتالي ظهور مثل هذه الدعوات ليس غريبا.
أما عن طرق كيفية علاج مثل هذه الظواهر خاصة وأننا نعيش في مجتمع شرقي متدين، قال أنه على رجال الدين ألا يستوحشوا في التدخل في أمور دنيوية قال عنها الرسول "أنتم أعلم بشؤون دنياكم" مشيرا إلى أن الرسول بدأ رسالته بالدعوه للاعتراف بالله وليس الاعتراف بالله والصلاة والصوم والزكاه في آن واحد مضيفا أنه على رجال الدين أن يبعثوا الطمأنينه للناس في خطابتهم .
وضرب مثالا برجال الدين المسيحي في القرون الوسطى حينما استوحشوا في فرض الأموال على المجتمع بحجة أنها أوامر آلهيه الأمر الذي مهد الطريق إلى دعوات التحرر من كل القيود الدينية.

شاهد أيضاً

مسدس - جريمة

بعد حكم إعدام المتهمين…قرار جديد من محكمة النقض في قضية مقتل الإعلامية شيماء جمال

عدد المشاهدات = 15102 قررت محكمة النقض، اليوم الإثنين، حجز طعن المتهمين أيمن حجاج، وحسين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.