السبت , 27 أبريل 2024

أطفالنا..وكارثة المخدرات الإلكترونية!

= 3203

 

بقلم: د.علا المفتي

فوجئت الأم بطفلها ، ملقا على أرض حجرته ، فاقدا للوعي. بينما كان مرتديا سماعات الأذن ،المتصلة بالكمبيوتر ، الذي يعرض بعضا من الملفات الموسيقية ، وبرامج الألعاب الكرتونية. فما كان منها ، إلا أن هرعت حاملة طفلها ، إلى عيادة الطبيب ، وعلامات الخوف والقلق ، مرتسمة على وجهها. وبعد فحص الطفل ، ومراجعة تاريخه الصحي ، وعاداته اليومية أخبر الطبيب الأم ، أن ابنها مصابا بالتخدير الرقمي أو الإلكتروني.

فهل هناك مخدرات إلكترونية؟ وكيف يحدث هذا التخدير؟

بالفعل هناك ما يسمى بالمخدرات الإلكترونية. وهي عبارة عن نوع خاص ، من ملفات الموسيقى الإلكترونية ، أو الرقمية ، ذات ترددات مميزة. والتي لها تأثيرا على درجة نشاط المخ ، واستقباله للألم ، وإدراكه للبيئة المحيطة.

وترجع فكرة هذه الملفات الموسيقية ، إلى عام 1839 عندما اكتشف أحد علماء الفيزياء ، أنه إذا سلطت ترددين مختلفين ، قليلا عن بعضهما لكل أذن ، فإن المستمع سيدرك صوت نبض سريع. وقد استخدمت هذه التقنية لأول مرة ، عام 1970 في مستشفيات الصحة النفسية ، مع مرضى الاكتئاب والقلق. حيث اكتشف أن هذه التقنية ، تحفز المخ على إفراز المواد المنشطة ، لتحسين الحالة المزاجية لهؤلاء المرضى. بحيث يتعرض المريض ، لهذه الترددات الصوتية لعدة ثواني ، أو لجزء من الثانية. ولا تستخدم أكثر من مرتين في اليوم.

أما حاليا ، فقد تستخدم هذه التقنية أحيانا ، في بعض جلسات الاسترخاء ، والتنويم الإيحائي ، للتقليل من حدة التوتر والقلق ، وإعادة برمجة العقل اللاواعي. كما أنها متاحة على كثير من مواقع الانترنت ، في شكل تطبيقات للهواتف ، أو برامج كمبيوتر. وفيها يستمع الفرد ، من خلال سماعات الأذن ، لملفات صوتية وأحيانا تترافق مع مواد بصرية ، وأشكال ، وألوان تتحرك، وتتغير وفقا لمعدل مدروس ، لتخدع الدماغ ، عن طريق بث أمواج صوتية خافتة (ألفا ثم بيتا وثيتا)، تتراوح تردداتها من 1000 إلى 1500 هيرتز.

فيدخل من يتعرض لها ، في حالة من الاسترخاء ولها نفس تأثير المخدرات على المخ. فإن طالت مدة الاستماع إليها ، فيؤدي ذلك إلى عدة أحاسيس ، كالنعاس أو اليقظة الشديدة أو الدوخة أو الارتخاء ، أو الصرع والانزعاج ، وأحيانا الانفصال عن الواقع.

وقد يتعرض أطفالنا لهذه الملفات الصوتية ،من خلال تعامله مع شبكة الانترنت ، وبرامج وألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية. حيث أن هذه الملفات غير مجرمة قانونا. مما قد يؤدي إلى إصابته ، بالأعراض سالفة الذكر ، مع حدوث اختلاط بين الواقع والخيال لديه. حيث أن الخيال يشكل حيزا كبيرا من نشاطه العقلي منذ سنوات عمره الأولى.

ومع زيادة تعرضه لألعاب الواقع الافتراضي (الالكترونية) ، في ظل غياب التوجيه الأسري ، وقد يحدث له إدمان لهذا العالم الافتراضي ، وعدم التكيف مع الواقع. فيحرم من النمو النفسي ، والاجتماعي الطبيعي. ويميل للعزلة ولا يستطيع التفرقة بين ما هو خيالي ، وما هو واقعي. مما يترتب عليه ظهور سلوكيات ضارة ، ومشكلات نفسية للطفل.

لذا يجب توخي الحذر ، عند استخدامنا واستخدام أطفالنا للتكنولوجيا الحديثة. فمثلا:

– يجب على الوالدين أن يرشدا ويلاحظا ، استخدام أطفالهما لوسائل التكتولوجيا الحديثة.
– يفضل أن يشارك الوالدان ، أطفالهما في استخدام وسائل التكنولوجيا ، بشكل هادف ومفيد.
– يوضح الوالدان للطفل ، الفرق بين الخيال والواقع. وكذلك الفرق بين الخيال القابل للتحقيق ، والخيال غير القابل للتحقيق.
– تحديد وقت معين ، لاستخدام هذه الوسائل ، وعدم الإفراط في استخدامها.
– شغل أوقات فراغ الطفل بأنشطة متنوعة ، مثل القراءة والرياضة ، وبعض الأعمال المنزلية البسيطة ، وممارسة الهوايات كالرسم والموسيقى ، وممارسة ألعاب الهدم والبناء والألغاز ، وألعاب التفكير المتنوعة.

إن التكنولوجيا ، تعمل كنصل السكين. يمكننا أن نستخدمها في ارتكاب الجرائم ، أو نستخدمها في أغراض مفيدة. وما يحكم نوع استخدامنا لها ، هو مقدار ما نتحلى به من العلم ، والثقافة وإعمال العقل .. فلنكن عقلاء إذن!

————-

* مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية البنات – جامعة عين شمس

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 4712 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.