الثلاثاء , 7 مايو 2024

أخطاؤنا في الصلاة (2)

= 993


بقلم الشيخ: أحمد الفقيهي

لقد غدا التأخُّر عن الصلاة والزُّهد في الصَّفّ الأوَّل وتكبيرة الإحرام من السِّمات الغالبة عند بعض الناس، تفوتُهم تكبيرة الإحرام مع فضْلِها، والرَّكعة الأولى، وقد لا يُدْرِك أحدُهم من الصَّلاة إلاَّ ربعَها، وقد كان السَّلف رحِمهم الله تعالى يُفاخِرون عند موتِهم بالمحافظة على تكْبيرة الإحرام، حتَّى كان بعضُهم يقول: ما فاتتْني تكبيرة الإحْرام مع الجماعة منذ ستّين سنة.

قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لو يعْلم النَّاس ما في النِّداء والصَّفِّ الأوَّل ثمَّ لم يَجِدوا إلاَّ أن يستهِموا عليه لاستهموا، ولو يعلم النَّاس ما في التَّهْجير لاستبقوا إليْه، ولو يعلمون ما في العتمة والصُّبح لأتوْهُما ولو حبوًا))؛ متَّفق عليه.

أيُّها المسلمون:
إنَّ مِن أدَب المشْي إلى الصَّلاة أن يستعدَّ لها المسلِم متى ما نُودي لها، يأتي إليْها بسكينةٍ ووقار، سكينة في الألفاظ والحركة، ووقار في الهيْئة؛ لأنَّه مقبل على مكان يقِف فيه بين يدَي ملك الملوك عزَّ وجلَّ.

قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا سمعْتُم الإقامة فامشُوا إلى الصَّلاة وعليْكُم السَّكينة والوقار، ولا تُسْرِعوا))؛ أخرجه البخاريُّ ومسلم.

عباد الله:
ما بالُ أقوام يأتي أحدُهم إلى لقاء ربِّه بثياب النَّوم، وبثياب العمل والمهنة، ومنهم مَن يأتي بثياب ضيِّقة أو شفَّافة تصِف العورة وتحدِّدها، ويزداد الأمرُ إيلامًا عندما يصلِّي المصلِّي وهو يَحمل صورةً أو شعاراتٍ لأهل الكُفْر والنفاق، أو يصلِّي بثياب الكُفْر ولباسهم الَّذي تميَّزوا به عن المسلمين، وقد نصَّ العُلماء على أنَّ مِن شرْط صحَّة الصَّلاة أن يستُر الإنسانُ ما بين سرَّتِه وركبته، وإذا كانت السَّراويل قصيرةً لا تستر ما بين السرَّة والركبة، أو كانت الثِّياب شفَّافة تبيِّن لون البشرة، فإنَّ المصلي حينئذٍ لا يكون ساترًا لعورتِه التي يجب سترُها، ولو صلَّى بهذه الملابس فصلاتُه باطلة؛ لأنَّ الله تعالى أمر بأخْذ الزِّينة عند الصَّلاة، وأقلّ ما يُمكن ستْرُه ما بين السرَّة والركبة، وهو أدْنى ما يحصل به امتِثال قوْلِ الله عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]، وإذا كان الإنسان إذا خرج لعملِه، أو لمناسبةٍ من المناسبات، أو لمقابلة مسؤول من النَّاس أو ملكٍ أو أميرٍ من أهل الدٌنيُا يستحْيي أن يَخرج بثياب لا تستُر، فكيف لا يستحيي أن يقِف بين يدَي ملك الملوك – عزَّ وجلَّ – بثيابٍ هو قادر على التجمُّل بأحسنَ منها؟!

عاتب ذات يوم عبدالله بن عمر مولاه نافعًا حينما رآه مرَّة يصلِّي في خلْوته بثوبٍ واحد، فقال له: "ألَم أكسُك ثوبين؟" قال: بلى، قال: "أفكنت تخرُج إلى السوق في ثوب واحد؟" قال: لا، قال: "فالله أحق أن يتجمَّل له"؛ أخرجه الطحاوي بسند صحيح.

ورآه مرَّة أخرى يصلِّي وهو حاسرُ الرأس، فقال له: "غطّ رأسَك، هل تَخرج إلى النَّاس وأنت حاسِر الرَّأس؟" قال: لا، قال: "فالله أحقّ أن تتجمَّل له"، قال العلامة ابن عثيمين رحِمه الله: وهذا صحيح لِمن عادتُهم أنَّهم لا يحسرون عن رؤوسهم".

————
وللحديث بقية بمشيئة الله.

شاهد أيضاً

الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله عز وجل

عدد المشاهدات = 6952 ✍️ صفاء مكرم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.