الجمعة , 26 أبريل 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب: مع “آدم” و”ياسمين”..فوق السحاب!

= 1949

Abdul razak Rubaiy


اعتدت خلال الرحلات الطويلة اصطحاب أكثر من كتاب معي، ليكون زادي، وزوّادتي، في الطريق، لكنني في رحلتي الأخيرة لبروكسل سهوت،  فوضعت الكتب في الحقيبة الكبيرة التي مضت في  سبيلها إلى  مخزن الحقائب في الطائرة، ولم يكن أمامي حين وجدت نفسي محشورا في كرسي ضيق سوى البحث عن خلاص مرئي ومسموع، وهكذا وضعت السماعات التي سلّمتها لي المضيفة على أذنيّ ،وبدأت العبث في الشاشة الملصقة أمامي ، على غير هدى ، بحثت في محتوياتها، فلم أجد ما يحفزني، اختلست النظر إلى الشابة الأجنبية التي تجلس في الكرسي المجاور لتيهي، إلى جانب رفيق لها ، فوجدتها قد وجدت  ضالتها ، وبدأت الاستمتاع بمشاهدة  فيلم من سلسلة" هاري بوتر" !

 واصلت بحثي، دون جدوى حتى وقع نظري على عنوان" تشيللو"، قلت لأستمتع بمعزوفة موسيقية في الأقل على هذه الآلة الوتريّة الضخمة، وإذا بي أمام مسلسل تلفزيوني من بطولة" تيم حسن"، و"نادين نسيب نجيم"، و"يوسف الخال"، ومع عدم حماسي للدراما التلفزيونية التي تتطلب مني متابعة لحلقات عديدة ، قلت لا بأس ، "وماحيلة المضطر إلّا ركوبها"، لعلي أجد في أداء "تيم حسن" ما ينفض عن روحي غبار الملل، وحلقة بعد أخرى بدأت الأحداث تتصاعد في مسلسل يتحدث عن سطوة المال على الحياة ، ويطرح تساؤلا هو: هل يستطيع الحب الحقيقي أن يصمد أمام المال؟

بطلا المسلسل "آدم" و"ياسمين" يعملان في فرقة موسيقية يرتبطان بقصة حب تواجه الكثير من المعوقات لكنها تنتصر، وتتوج بالزواج رغم معارضة أمّ الفتاة، ويبدءان حياتهما باقتراض مبلغ من البنك لشراء مسرح لا يلبث أن يتعرض لحريق كبير، فتحاول "ياسمين" بيع آلة "التشيللو" التي لا تقدّر بثمن، لكنها لن تجلب في المزاد سوى مبلغ لا يسد جزءا من قيمة القرض، وخلال هذه الأزمة يظهر "تيمور تاج الدين" الشاب المليونير "تيم حسن"، فيعجب بـ"ياسمين"، ويبذل محاولات للوصول إليها، فتفشل كلّها إلا محاولة ضربت على وتر حسّاس، هو وتر الحاجة المالية ، وتحدث الضربة القاصمة لظهر الحب حين يقابل الزوجين في المزاد، واختيار المكان له دلالة عميقة ، فيعرض عليهما، دفع مليون دولار أمام قضاء يوم كامل مع "ياسمين" التي تهاجم "تيمور" ،وتسبّه، وكذلك يفعل زوجها، فلم يفاجأ، بل تلقى ردّة الفعل بهدوء ، وثقة، وقال لهما: فكّرا بالعرض، وهنا ينقلب مسار الأحداث ، في مسلسل مقتبس من فيلم" عرض غير لائق " للمخرج ادريان لين، وبطولة ديمي مور ، وربوبرت ريدفورد ، فعرض المليونير يظلّ يطلّ برأسه كلّما تذكّر الزوجان مشاكلهما المالية.

 وأخيرا لاتجد الزوجة مخرجا سوى قبول العرض مقنعة الزوج إنها ستمسك العصا من المنتصف ، حين تأخذ المبلغ دون أن تدعه يمس شعرة منها، فيوكل الزوجان محاميا، هو صديق الزوج المقرّب،  ليحرر عقد "عمل افتراضي" كما يسميه ، يكون أول شرط به : أن يحصلا على نصف المبلغ مقدّما، فيوافق "تيمور" بدون تردد، ويسارع إلى تسليم المحامي نصف مليون، عدّا ،ونقدا ،وفي هذه الأثناء تقرر الزوجة بدء  يومها مع "تيمور"، بينما كان الزوج يغطّ في نوم عميق لم يستفق منه إلا على دقّات على الباب ، لصديقه المحامي الذي سلم "ياسمين" لـ"تيمور" وجاء بنصف مليون دولار!! ، وحين بحث "آدم" عن زوجته، ولم يجدها جن جنونه، وجرى إلى مكتب "تيمور" حاملا الحقيبة المليئة بالدولارات ، لكنه يصل متأخرا، فاليخت الخاص بـ"تيمور" كان قد مضى حاملا على متنه" ياسمين"، وعشرات الأسئلة حول الذي سيحصل، فهل ستنجح "ياسمين" في امساك العصا من المنتصف؟ وما الذي سيجنيه "تيمور" الذي يكرر إنه لم يخسر صفقة في حياته؟ وهل سينتصر الحب على المال؟

هذا ما جعلني أتلهف لمعرفة الاجابات مع قرب هبوط الطائرة في مطار "بروكسل"، وكم تمنيت حينها أن تغيّر الطائرة اتجاهها وتذهب إلى الصين لأتمكن من تكملة مسلسل من ثلاثين حلقة كنت قد شاهدت منه سبع حلقات فقط، ولم أكمل الثامنة !

وحين توقف البث انتبهت إلى الشابة التي تجلس إلى جواري، وجدتها مستغرقة بمشاهدة فيلم آخر، بينما رفيقها يغطّ بنوم عميق، وكلانا لم يشعر بثقل الزمن، الذي بلغ حوالي ست ساعات، وهذا هو سحر الفن.

أما الإجابات عن الأسئلة التي تشكّلت في آخر الرحلة، فإنني سأرجيء الإجابة عنها في طريق  العودة لـ"مسقط" مواصلا رحلتي مع "آدم" و"ياسمين" فوق السحاب.         

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 4571 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.