السبت , 27 أبريل 2024

(كورتيزون) .. قصة قصيرة بقلم اسماعيل مسعد

= 711

سيدي لو أنك أخبرتني الآن أن لديك مسدسا مرخصا، فانطباعي الأول حيال ذلك أنك ابتعته لأجل حماية عائلتك وممتلكاتك، بينما لو قررت قتل جارك إثر مشادة بينكما، فهذا بالقطع يخالف إعتقاد الجميع بالدور المنوط به هذا المسدس، كيف كان لنا اقناع جسد بقبول عضو مستزرع من دون كورتيزون في هذا العالم، بعدها وضع الطبيب نظارته ذات الإطار المذهب علي حافة قصبة أنفه، ثم تناول قلمه وأخذ يكتب ما شاء أن يكتب ، قاطع زوجي صمت الرجل ذو الحاجبين الأشيبين بسؤال، هز الطبيب رأسه كبندول متسرع مبديا رفضه إيقاف الكورتيزون الآن، استرسل مرة أخري، إيقاف العقار المفاجيء قد تفوق توابعه ما ألفيناه من أثر التعاطي غير المحسوب.

لذا سنقوم بإجراء بعض الفحوصات والقياسات المعمليه، واستنادا عليها سنقر خطة إنسحاب منظم لتلافي التداعيات الإنسحابيه الخطيره، تنهدت متأففة إثر عبارة لزوجي ( سود الله وجه الكورتيزون )، مما كان مدعاته تعقيبا لطبيبي، تكمن المشكله لديكم في السلوك الدوائي الخاطئ بدول العالم الثالث، أخبرني زميل عربي أنه يستطيع إرسال طفل بعبوة كورتيزون فارغة ليستبدلها بأخري ممتلئه، دون أن يسأله الصيدلاني عن شيء سوي المقابل المادي لها، ناهيك عن المناخ الملائم لصراعات شركات الأدويه العالميه وتقادم قوانين الرقابة الدوائية منذ القرن المنصرم.

شكرناه قبل المغادره وهو يؤكد علي موعد مراجعته القادمه، أجلسني رفيقي داخل السياره ثم أطبق دفتي الكرسي المدولب واستودعه المقعد الخلفي، مرقت السياره في شوارع برلين تحمل جسدي الذي أتت عليه هشاشة العظام، إثر حلم أمومه سقط في هوة هذا العقار السحيقه، عن كل آمالي تخليت فبدت برلين رغم جمالها سوداء موحشه وكأنها في أربعينات القرن الماضي طريحة الحرب، استفقت علي يمين زوجي الدافئة حين تخلت عن المقود تقبض علي يدي بتعاطف مستحق، أهمل نصف مهام القيادة وبادرني بقبلة علي وجنتي سقطت علي إثرها من مقلتي دمعة.

أجرينا الفحوصات التي وردت بتوصية الطبيب، ورغم رفضي القاطع أصر زوجي علي مراجعة طبيب آخر، مستندا إلي مقولة طبيبة المختبر ( إذا كان الأمر متعلقا بالكورتيزون فعليك مراجعة طبيبين مختلفين قبل إتخاذ قرار )، أوصتنا بمراجعة استشاري أودعته ثقتها الكامله، والذي رحب بنا بحميمية واضحه حين لاحظ عروبة السمت لضيوفه، بدا محبا للعرب علي غير ما ألفنا خلال رحلتنا القصيره، استهل حديثه ببضعة أسئله و قراءة مطوله لملفي الطبي، تلاها بحديث مستفيض دون أن يدع فرصة لمقاطعته، ما تعانيه السيده هي تبعات لوصفة طبيب تعجل النتائج، ضعف الإباضه لم يكن الكورتيزون هو السبيل الوحيد لإيقاظه، ورغم هذه الانتكاسه، لا زالت هناك أمالا عراض تنتظر تلك السيده الجميله، ثم أردف، دعوني أخلي سبيل هذا العقار المتهم، فمنذ البدايه، أبدا لم تكونِ بحاجة لذلك الكورتيزون بالمره، سنوقف تناول العقار فورا، فلديك فائضا ملحوظا منه، وبعد أن تناول ورقة من الملف، ظلل رقما بقلم فسفوري وردي اللون، السيده تحمل نشاطا مفرطا في (لحاء الكظر) فيما يعرف لدينا كأطباء بــ ( متلازمة كوشينج )… !

شاهد أيضاً

الجمعة المقبل.. افتتاح جناح سلطنة عُمان في بينالي البندقية الدولي للفنون 2024

عدد المشاهدات = 9696 مسقط، وكالات: تشارك سلطنة عُمان يوم الجمعة القادم بجناح في الدورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.