لعلنا سنتعجب من تلك المرأة العنيدة ، ومن جرأتها المعتادة في مناقشة الأمور التي تأصلت جذورها في مجتمعاتنا دون خوف ، أو تردد ! دعونا نستمع إليها ننصت إليها.
بدأت حديثها الهادئ بصوت واثق قائلةً : أعلم أن هناك منطقًا معينًا يحكمنا عند توزيع المهام فيقدم الأهم على المهم ، فالعمل أهم من التعبير عن المشاعر ، لكنني سأختلف معكم هذه المرة !
تعالت الأصوات مهاجمةً لها ، وثائرةً عليها ! أشارت بيدها محاولةً تهدئتهم . نجحت بالفعل في احتواء هذه الثورة وهذا الضجيج . عادت لحديثها السابق ، بتحدٍ وإصرار هائل تابعت حديثها قائلة : استمعوا أولًا لوجهة نظري لحظات ، وسوف أنهي حديثي معكم ، ثم أضع كلماتي بين أيديكم ، لتحكموا عليها بقلوبكم .
قدمت تحيتها المعتادة الممتزجة بابتسامتها الرقيقة ثم قالت : إن المشاعر ، والأحاسيس الصادقة لايمكن أن تتوقف عند حد معين !
إن تطبيق النظام على معظم أمور حياتنا شيء ضروري ، ولكن المشاعر ستفرض علينا أحكامًا مختلفة . إن هذا المارد سيخالفنا إذا قمنا بتوجيههه على حسب إرادتنا . إنه لايعترف بنظام ، ولاتحده حدود . هو أشبه ببركان ثائر لا يمكننا أن نوقفه ، أو نحتويه !
إن المشاعر الإنسانية لا تعترف بالتأجيل ، ولا تعترف بجملة ليس الآن ، أو جملة عندما يحين الوقت المناسب . ربما يكون وقتك المناسب هو خط النهاية ، وأنت لاتدري !
خفضت رأسها معلنةً في صمت انتهاء حديثها . لم تنتظر طويلًا لترى نتيجة دفاعها حيث جاء الحكم مؤيدًا لوجهة نظرها التي تؤكد دائمًا على أن ثورة المشاعر لا تخضع لوقت ، ولا تخضع لمعايير أو أنظمة . ولهذا صدر الحكم على ما قدمته سريعًا لصالحها فكل ما آمنت به ، ودافعت عنه لم يكن ليخضع يومًا لقوانين الانتظار !