الجمعة , 26 أبريل 2024

د. منى حسين تكتب: ضد المرأة…(5)

= 1951

جلس معى زميل وكان ضيقه مرتسماً على كل ملامحه، فبدأ بالحديث عن مشكلات أبنائه، وسألته وأين دور زوجتك؟ هل تتفق معك أم معهم؟ قال هى بلا دور، فقط عندما يطلبون منها شيئاً ترسلهم إلىَّ، صمتُ.

لكنه إجتر ما يعانى منه، كان قد تجاوز الثلاثين عاماً، وهو خريج كلية مرموقة، ويعمل فى وظيفة محترمة ذات دخل متميز، وحياته يقضى معظمها فى عمله ومع أصدقائه، لم يفكر فى الزواج من أية فتاة، فأمه تقوم بخدمته ورعايته بكل حب، لكنها بدأت تطلب منه أن يتزوج، وعندما تحدث مع أحد أصدقائه، رشح له فتاة تقاربه فى السن، وهى من أسرة ميسورة، وقد خصص لها والدها شقة فى عمارة يمتلكها فى حى راق، ومع إلحاح صديقه، وافق على زيارتها ليتعرف عليها وعلى أسرتها.

بداية هو لا يحبها، ستكون معاييره هى نسبة من الجمال، والإلتزام الأخلاقى والأسرة المحترمة، كل هذا كان متوفراً، لكنها قليلة الكلام، فقال فى نفسه هى طبيعتها، وهى أفضل من المرأة الثرثارة، تم زواجهما بعد عدة شهور، وأنجب منها البنات والبنين، لكنه وجد خلال هذه الفترة أن صمتها خلال فترة الخطبة ليس من طبيعتها، فعندما بدأ فى الحديث معها، ومناقشة الأمور المختلفة بدا جهلها وعدم ثقافتها، وتمسكها بآراء متخلفة، ولم تكتفِ بهذا، بل أصبح لها رأياً خاطئاً تريد أن تفرضه عليه.

قلت له وماذا بعد؟ قال كيف أترك أبنائى مع أم كهذه؟ ستضيعهم، ضقتُ بها، وأفكر بالزواج بأخرى أجد نفسى معها، لكننى لم أستطع أن أفعل فليس لدى مالا يفتح بيتاً آخر، ربما اخطأت حين تزوجت امرأة لم أعرف كيف تفكر، لأنها لا تفكر ولا تقرأ، توقف عقلها عن الفهم، عانيت معها كثيراً حتى أصبت بارتفاع فى ضغط الدم والسكر، وفى الآخر كان مرض القلب، وهى بكامل عافيتها، لا تعانى من أى مرض، سمعته كثيراً، وبعد أيام من شكواه دخل المستشفى نتيجة أزمة قلبية، ومات.

وفى إحدى جلساتى مع صديقة لى قالت: إنها أحبت زوجها، وكانا يحملان مؤهلات متوسطة، فقررت أن يخوضا معاً معركة الحصول على مؤهل جامعى، حتى يترقيا فى عملهما، ورزقهما الله البنات والبنين، وبالفعل حصلا على المؤهل الجامعى، وتمت تسوية حالتهما الوظيفية بالمؤهل الجديد، وزاد دخلهما، إلتحق الأبناء بالمدرسة، وبدأ هو فى الغياب لفترات عن بيتهما.

قالت: فى البداية كنتُ ألتمس له العذر، فهو يعمل عملا إضافيا كى يواجه متطلبات أسرتنا، لكن بعد فترة أخبرنى زميل لى أن زوجى الذى أحببته ودعمته فى عمله وتعليمه على علاقة بامرأة أخرى، مطلقة ولم تنجب، عندما صارحته بما علمت، ترك البيت وقال إنه تزوجها، تركنى مع أبنائنا وحدى، حدثت القاصى والدانى من زملائنا فى العمل عن إهماله لى ولأبنائه، وعدم إنفاقه عليهم، وبعد عدة شهور، بدأ يرسل لى مبالغ هزيلة لا تكفى لأى بند من احتياجات أبنائى.

فقررت أن أرفع دعوى طلاق للضرر، وأطالبه بنفقة لأبنائه وغيرها من القضايا التى يرى المحامون أنها مهمة، وكلها لصالحى أنا وأبنائى، ومازالت القضايا تنظر بساحات المحاكم، لكن ندمى على حبى له لا ينقطع.

وفى أحد أيام عملى جلس معى زميل لى ، كنتُ أرى سعيه الدائم بين عمل وعمل آخر كى يوفر احتياجات أسرته، ولديه سيارة صغيرة يوصل زوجته وأبناءه فى الصباح إلى عملها ومدرسة الأبناء، ثم يأتى للعمل باكراً جداً، وفى موعد عودتها والأبناء يغادر العمل ليعيدهما إلى البيت، كل هذا يفعله برضا دون ضيق أو فرض من أحد.

ولكنه حكى وقال لى بمرارة: زادت متطلبات تعليم الأبناء والإنفاق، وأصبح دخلى لا يكفى، وكنت أقترض من زملائى حتى أكمل ما يحتاجونه، وهى لا أعرف أى شىء عن دخلها، أنا لا أطالبها بشىء، ولكن وصل بها الحال أن يأتى محصل الكهرباء أو الغاز يدق باب بيتنا، فتأخذ منه الكعب ولا تدفع، هى تعرف معاناتى والأعباء الملقاة علىَّ وضيق ذات يدى ولا تدفع جنيهاُ واحداً، ولا تسد أى من متطلبات البيت، وأنا صامت.

تجبرنى على خروجات وغيرها مع إخوتها أسبوعياً، وأنا أدفع برضا، شعرت أنها تذبحنى بسكين باردة، فى الفترة الأخيرة كنت أتركها تخرج معهم هى وأولادى، إنها لا تشعر بما أفعله لأجلهم، لقد أهملت نفسى ومظهرى لأننى ألبى متطلباتهم بالكاد، وماذا بعد؟ ضقت بها، افتعلتْ مشكلة معى وتركت بيتنا وذهبت لبيت أبيها وتركتنا وقت الدراسة، كأنها تكبلنى بقيد.

ووصل الأمر لأخوتى وإخوتها، فتدخلوا للإصلاح بيننا لأن الأبناء كبروا وهم فى حاجة للاستقرار، لأنهم على أبواب الامتحانات، وعادت لكننى لم أعد كما كنت، قررت التراجع عن الكثير من الأدوار التى كنت أقوم بها، فهى زوجة مهملة لا تعرف ماذا ينقص البيت وما به، أفاجأ بطلباتها بعد عودتى من الخارج.

لا تهتم بمتابعة دروس الأبناء، فاض بى الكيل، لا هى امرأة عاملة تدعم بيتنا مادياً، ولا هى ربة بيت، وكان قرارى الأخير، إتركى عملك وتفرغى لبيتك وأولادك، هددتنى بترك البيت، وهددتها بالطلاق.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3542 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.