الجمعة , 26 أبريل 2024

شيرين وجدي تكتب: الكرسى اللي فى النص

= 1159


أنا يا سادة اعتبر نفسي من ذوى العاهات النفسية.. حيث اصاب بفوبيا الطرق، وما ان اركب سيارة إلا واصاب بالهلع بمجرد ان يزيد السائق السرعة عن 60 كم وأظل فى حالة ترقب مربكة.

لذا أختار دائماً الجلوس بمنتصف السيارة (الكرسى اللي فى النص) تخيلاً منى اننى بأمان عند حدوث مكروه لا قدر الله فسوف انحشر بين كومتى لحم شمال ويمين!

وانا من داخلى لدى قناعة تامة اننى افكر بمنتهى الحماقة لأن الموت قادم لا محالة ولا ندرى بأى ساعة او مكان او حاله سيكون، وانا مؤمنة بذلك ولا اهاب الموت ولكن ما حيلتى فى عقل البشر.

المهم يا سادة وجودى فى هذا الموقع الإسترتيجى المميز يجعلنى طوال الطريق مثل الستالايت عالى الجودة !

فأنا ما شاء الله اكون فى موقع الإرسال والإستقبال أستمع الى من فى أول السيارة ومن فى آخرها بوضوح، وهذا يضعنى فى مفارقات عجيبة، فمثلاً تصعد فتاه الى السيارة وتجلس خلفى ترتدى ملابس ضيقه لدرجة اننى لا اتصور كيف استطاعت ان تزحف الى داخلها، وتضع حجاب ما قل ودل يخرج من مقدمته خصلات شعر مصبوغة اسود خليجى لانه الموضة، وتضع فى الخلف اسفل الحجاب توكة عبارة عن كتلة ضخمة وظيفتها الوحيدة ان تحول مؤخرة الرأس الى شكل البطيخة الصغيرة بخلاف وضع "ميك آب" سينمائى علماً بأن الساعة التاسعة صباحاً !

تبدأ الفتاة فور صعودها في التحدث فى الهاتف بشكل خليع وبلهجة سوقية، ولا تقرر دفع الأجرة إلا بعد ان يصرخ السائق مراراً دعوة للمتهرب من الدفع انه يخلى عنده دم، وبمنتهى البرود والتناكة تضع النقود فى يد من يجلس أمامها اللي هو انا ، وذلك دون الإلتفات او حتى الإعتذار وتستمر المكالمة الخليعة فترة لا بأس بها ثم فجأة تقرر الهبوط فى إحدى المحطات، فيصدر منها صوت إستحالة تتوقعة، صوت خافت جداً حنون رقيق (على جنب يا اسطى) وطبعاً الأسطى مش سامع، وتظل تزقزق مثل العصافير (على جنب …على جنب) وفجأة تلاقى كل الركاب "الذكور" طبعاً تنادى السائق بصوتاً أجش مساعدةً للغندورة ( ما بتقولك على جنب يا اسطى) وينظر اليهم السائق فى المرآة فى غضب ظناً منه ان الركاب يقومون بمظاهرة جماعية لأجل عيون القطة.


تتبختر القطة حتى تغادر السيارة ويبدأ الهمز واللمز، الستات تعلق على لبسها وألوان المكياج الصارخ، والرجاله تعلق على صوتها الحونين مداعبين السائق (مش على جنب يا اسطى) مالك كده مش واخد بالك والا ايه؟

أما الآنسة الوقورة اللي جنبي واللي لاحظت حرقة دمى وهى بتدينى الفلوس، فنظرت إلي وضحكت بسخرية وقالت لى: معلش أصل التليفون كان واكل دماغها ما كانتش فاضية تقولك اتفضلى ولا لو سمحتى..

وأنا فى سري أردد: الله يخربيت الفوبيا، على القطة، على الميكروباصات، على الكرسى اللي فى النص!

وللحديث بقية..

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 4374 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.