السبت , 27 أبريل 2024

داليا جمال تكتب: جنابه..خط أحمر!

= 3053

Dalia Gamal


حينما وقف لويس الرابع عشر قائلا بكل غرور وصلف قولته الشهيرة ( أنا الدولة.. والدولة أنا ) لم يكن يعرف أن جملته ستكون أول مسمار في نعش الحكم الملكي الفرنسي وبداية للثورة الفرنسية التي امتدت نحو عشرين عاما اختلط فيها الانتقام بالدم والدموع والكراهية من الشعب تجاه حكامه الذين اعتقدوا انهم فوق النقد..وفوق الكلام وفوق الشعب وأن الاقتراب منهم ..خط أحمر!

ولأننا اليوم نعيش في زمن يعتقد فيه كل مسئول في مصر نفسه خطا أحمر!! بداية من أصغر مدير لأصغر مصلحة حكومية وحتي أعلي منصب في أي مؤسسة .. معتبرا أنه يمثل الدوله وأن هيبته من هيبتها ومكانته يجب أن تترسخ في القلوب كمكانة مصر .

وهو ما عبرعنه الراحل العظيم خالد صالح في فيلمه الرائع “هي فوضي “عندما قال وهو أمين الشرطة الفاسد (اللي يزعل حاتم يبقي زعل مصر)!! وهو ما يعكس حالة جنون العظمة وتأليه الذات الذي أصابت الكثير من المسئولين !

صحيح أنه من الجميل أن يشعر المسئول بأنه جزء من مصر، وأن مواقفه وقراراته لها هيبة لا تصد وأمر لا يرد لأنها بالفعل قد اتخذت من أجل مصر . إلا أنه للأسف الشديد فإن الغالبية العظمي من المصابين بداء “أنا الدولة والدولة أنا” من المسئولين قد انتابهم شعور بأنهم فوق المواطنين وفوق المساءلة دون أن يمثلوا قيمة حقيقية تضيف شيئا لمصر، ويقينا نعلم أن هناك جهات سيادية بعينها في مصر تعتبر بالفعل خطا أحمر نظرا لطبيعة عملها وتأثيره علي أمن الوطن خاصة في هذه المرحلة الحرجة.

ولكن أن نصل لمرحلة شعور كل موظف عام بأنه خط احمر !! سواء كان يشغل منصبا رفيعا أم تخينا سواء كان وزيرا مسئولا عن وزارة خدمية تهم حياة المواطن اليوميه أو حتي رئيس الجمعية الزراعية بأصغر قرية نائية في مصر..فهذه هي الكارثة الكبري والتي أصبحنا نرصدها في كل يوم علي صفحات الجرائد ووسائل الإعلام.

فما إن ينتقد صحفي او إعلامي تقصير مسئول في عمله حتي نري المسئول قد انبري وانتفض مدافعا عن نفسه وعن قراراته ومن ورائه رؤساؤه يدافعون ويبررون معتبرين مجرد نقد هذا الموظف نوعا من التجاوز للخطوط الحمراء وجب أن يتوقف فورا فتكف الأقلام وتطوي الصحف بحجة مصلحة البلد!! لينعم هذا المسئول بفشله وعجزه وفساده دون ان يجرؤ احد عن المساس به !!

والسؤال الذي أبحث عن إجابته كصحفية ومواطنة مصرية ماهي الحدود المقبولة للتعليق والنقد الان؟؟ ومن هو المسئول الحكومي الذي يجب ان أعتبره خطا احمر فلا يجوز المساس به أو الاقتراب من حرمه المقدس!! ومن هو المسئول الذي من حقه ان يقول لنا أنا الدولة والدولة أنا!..لأنني للحق أري ان كل من يطلقون علي أنفسهم أنهم خط احمر لا يستحقون سوي قلم أحمر ليس لتعظيم شأنهم..بل للشطب عليهم فقط لا غير…

فمصر هي مصر ولن تكون غير مصر سواء بك أو من غيرك.وجنابك لن تكون خطا أحمر فوق النقد !
————————–
* داليا جمال كاتبة صحفية بأخبار اليوم.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 5071 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.