الجمعة , 3 مايو 2024

هبة عمر تكتب: أسواق “الكانتو”!

= 1390

Heba Omar


أثارت الزيارة التي قام بها المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء إلي معهد القلب ومعهد تيودور بلهارس كثيرا من رد الفعل بين مرحب ومنتقد ومتضرر بطبيعة الحال، ولكني توقفت عند العبارة التي قالها رئيس الوزراء خلال الزيارة "ده سوق كانتو"، والكانتو لمن لا يعرف هي كلمة ايطالية تطلق علي المكان المخصص في الحارة او الزقاق لبيع الملابس المستعملة!

 وبمناسبة هذه الزيارة التي صورتها وسائل الإعلام والإعلان علي أنها مفاجئة، بدأ شباب علي مواقع التواصل الإجتماعي حمله لتصوير كل الأماكن التي تحتاج إلي زيارات مفاجئة من رئيس الوزراء والتي تحولت إلي "أسواق كانتو" أكثر رداءة من معهد القلب، واختير لها عنوان" عرفوه عشان مايتفاجئش"، وهي صور تنضح بالإهمال الجسيم وفقر الإمكانيات الشديد في مستشفيات عديده بالقاهرة والمحافظات، وبعضها لن يصدقه عقل انسان طبيعي يتصور أن أي مستشفي هي مكان للشفاء من المرض، وهذه الأوضاع تحديدا كانت أحد أسباب إضراب الأطباء بهدف لفت أنظار المسئولين للأوضاع شديدة السوء في المستشفيات الحكومية، وبعدها ارتفع نصيب الصحة في موازنة الدولة بنسبة 2%تقريبا!  

ولكن هل المستشفيات فقط هي التي تحتاج إلي زيارات مفاجئة تستطلع أحوالها ؟ بالطبع لا فهناك أسواق كانتو كثيرة علي امتداد البلاد تزايدت علي مدي الأعوام العشرة الأخيرة، وهناك مصانع مغلقة أو علي وشك الإغلاق أو لا تعمل بكامل طاقاتها  مثل مصانع النسيج في كفر الدوار والمحلة ومصانع اعادة تدوير المخلفات وغيرها، وهناك قري فقيرة إلي حد العدم  ومناطق متدنية في كل شيء يعاني سكانها جميعا من أمراض نتيجة سوء الحالة المعيشية، وهناك وحدات صحية في القري والنجوع يعتبرها أي طبيب عقابا من السماء اذا اضطر للعمل بها، وهناك فوضي عارمة في كثير من مواقع الادارات المحلية أفرزت فوضي مماثلة في ادارة كل شيء له علاقة بتنظيم الشوارع والأشغالات ومخالفات البناء، وامتدت من المدن القديمة إلي بعض المدن الجديدة حين تغاضي المسئولون عن مخالفات البناء التي أصبحت عادة  في انتظار إصدار قانون التصالح في المخالفات!

ورغم أن رئيس الوزراء ليس هو المسئول بالتأكيد عن كل هذا ولم يكن هو وحكومته السبب فيه، ولكنه الآن مضطر للعمل مثل " البلدوزر"  كما قال لهدم كل أسواق الكانتو التي يعاني منها المصريون ويعرفونها جيدا ولا تفاجئهم علي الاطلاق !

والغريب أنهم يسخرون من أي محاولة لتغيير فوضي الإهمال والتهاون والفساد، رغم أنهم أول ضحاياها، ربما يأسا من استمرار الهمة العالية في مواجهتها وربما لأنهم أدري بأن ضمير المسئول الصغير أهم من ضمير أي مسئول كبير – حتى لو كان رئيس الوزراء – لأن كلمته في النهاية هي النافذة!
———–
hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 10915 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.