الثلاثاء , 14 مايو 2024

بسمة عبد القادر تكتب عن: بوصلة الضمير!

= 1885

Basma Abdul Kader - Copy


الضمير هو تلك المساحة من النفس التي تنزع منا سكينتنا عند شروعنا في ارتكاب خطيئة تأباها نفوسنا الخيرة، فيلبث على إلحاحه حتى يُحيد أفكارنا عن نواياها الدنيئة.

وتتفاوت إرادتنا في الاستجابة لنواهي الضمير، ومن ثم تتفاوت فداحة خطايانا من شخص لآخر ومن حدث لآخر ، و بالنهاية نجد أنفسنا جميعا واقعة في دائرة المعاصي ، ولكن الداعي للغرابة أن يُصر مرتكب الخطأ على دفع الاتهام عنه ليصب وبال اللوم على الاخرين وعلى الظروف التي تحث ضميره على الخنوع لأوامر عقله الذي يختلق له آلاف المبررات التي تُحلل له اختلاس أموال ليست من حقه ، أو قبول رشوة في مقابل تسهيلات لا يستحقها طالبها ، أو التقاعس عن أدوار رقابية ، أو محاباة المقربين ومتبادلي المصالح والوساطة التتي لا تنتهي في أي مجال ، أو .. أو .. إلخ.

وعلى الرغم من إصدر القوانين واللوائح التي تندد بتلك الأفعال المشينة وعلى الرغم من الأوامر والنواهي التي نصت عليها الشرائع والأديان السماوية لتحقيق التوازن الحياتي إلا أن كلها أمورا لا يلقي لها مرتكب الخطأ بالا ، فدوما لديه الدافع والمبرر الذي يقنعه بأن جرمه مقبول طالما يفعله الآخرون ، فيحيل ضميره إلى التقاعد لترتاح نفسه وتصبح تلك الجرائم عادة حتى تلتقطها الأجهزة الرقابية لينتبه المخطئ فجأة إلى فداحة فعله.

كأن بوصلة ضميره لم تكن كافية لتهديه إلى الطريق المستقيم ، فيظل على إصراره في الخطأ منتظرا الرقيب الذي يصوب مساره دون أن يكلف نفسه عناء توجيه بوصلة ضميره للمسار الصحيح ، فتتكلف الدولة وحدها ذنب تقصيرها في وضع رقيب لكل عامل ومسؤول ولزيادة الحرص عليها أن تضع رقيبا على كل رقيب حتى تضمن مزيدا من الأمانة والجدية.

إذن.. هل علينا أن ندفن ضمائرنا ثم نتساءل: من يقدم الوساطة؟ ، من يخضع لاغراءات الرشوة؟ .. من يتخاذل عن مهامه في عمله؟ ..  من يلقي القمامة بالطرقات؟ .. من يعبث بالممتلكات العامة؟ .. من؟ .. و من؟ …

وهل من المعقول أن تتحمل الدولة وحدها إلى جانب أخطائها سلوكيات ومفاهيم خاطئة تناقلت بين الأفراد وترسخت في عقول استسلمت لارتكاب أخطاء تراها حقوقا مشروعة لأنفسها وتأباها على غيرها؟! ..

فمتى يوجه الإنسان بوصلة ضميره ليحفظ أمانته المكلف بها والتي هي جزء من مجتمع في حاجة لأن ينهض؟ ، ولن ينهض إلا على ضمائر تحترم إنسانيتها وشريعة ديانتها وضمائر توجه بوصلتها للخير تحت رقابة السماء وابتداء من أنفسها .

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 898 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.