الإثنين , 29 أبريل 2024

هكذا نهدم بيوتنا (2 من 5)

= 2123

أشرت في المقال السابق والأول في سلسلة المقالات تلك إنه حين نتأمل لماذا تحدث الخلافات بين الزوجين بعد أن بدءا حياتهما بحب ومودة ورحمة وتفاهم واضح؟!! وأشرنا إلى أن هناك العديد من الأمور التي باستمرار وجودها تتحول إلى معاول لهدم جسور الحب والمودة بينهما ومن ثم تؤدى أيضا إلى هدم الأسرة وقد ذكرنا في المقال السابق معولين من تلك المعاول واليوم نستكمل ونقول:

3/ إهمال المشاكل حتى تتفاقم

لا تخل حياة زوجية من المشاكل والخلافات، ولكن كثرتها وتكرارها بشكل مستمر، وعدم توقف الزوجين عندها والبحث عن الأسباب التي تؤدي إليها، وبذل مجهود في العمل على علاجها من خلال الحوار البناء بينهما، يولد شعورا بالضجر، ورغبة في التخلص من هذه العلاقة؛
ولذا فعلى الزوجين أن يسارعا بمعالجة ما ينشأ بينهما من خلافات أولا بأول، من خلال الحوار الهادئ والمناقشة الموضوعية، الحوار يكون بحب وبرغبة حقيقية للحل وليس لمجرد إثبات من المخطئ ومن الذي على صواب، فنحن لسنا في محكمة أمام القاضي ولكن نحن نقف أمام أنفسنا كي نخرج نحن الاثنان من الأمر فائزون وليس طرفا فائزا وطرفا خاسرا، لأن خسارة أي طرف من الطرفين هي في الحقيقه خسارة ايضا للطرف الآخر.

4/ الانشغال الدائم

الانشغال الدائم لأحد الزوجين عن الآخر سواء داخل المنزل أو خارجه، في العمل أو مع الأصدقاء، أو في تربية الأبناء، أو في ممارسة الهوايات أو حتى الانشغال في الأعمال التطوعية والخيرية، كل هذا يشعر الطرف الآخر بالإهمال والنبذ، كما يشعره بفراغ كبير خاصة إذا كان لا يستطيع أن يشغل هذا الفراغ
لذلك لا بد من أن يكون هناك شيء من التوازن بين العمل والانشغال والاهتمام بالطرف الآخر، حتى لا يشعر بالإهمال وبالتالي يحدث الفتور العاطفي، وعلي الزوجين أن يعلموا جيدا أن الاهتمام لا يعنى أن يجلس مع الطرف الآخر طول الوقت مثلا، أو معناه إن لا يذهب إلى العمل، ولكن أشياء بسيطة وشيئا من التوازن يمكن أن يجنبهم الوقوع في تلك المشكلة، أنت مشغول في عملك- نعم- ولكن هذا لا يمنعك من أن ترسل رسالة إلى زوجتك بين الحين والآخر تطمئن عليها، تخبرها بمشاعرك تجاهها، تطمئن على الأولاد، هذه الرسالة البسيطة القصيرة ستمتلئ هذا الفراغ التي تعيشينه زوجتك، ويشعرها ب حبكا لها وانشغالك بها لا إنشغالك عنها.
وهنا أتصور إنه من الصواب أن أذكر ما جاء في خطاب مختصر للغاية مدته (60 ثانية فقط) ولكنه دقيق للغاية أيضا، هذا الخطاب كان للرئيس التنفيذي لشركة جوجل (ساندر بيتشاي ) قال إن الحياة وكآنها 5 كرات تتلاعب بها في الهواء محاولا ألا تقع، تلك الكرات واحدة منهم مطاطة والباقي من الزجاج والكرات الخمس هي (العمل – الأسرة – الصحة- الأصدقاء – الروح) وسريعا ستكتشف أن الكره المطاطية هي العمل كلما وقعت قفزت مرة أخرى، بينما باقي الكرات مصنوعة من زجاج إذا وقعت إحداهما فلن تعود كما كانت أبدا وستصبح إما معطوبة أو مجروحة أو مشروخة أو متناثرة، لذلك عليك أن تدرك هذا جيدا، وتعمل على حسن إدارة هذا المعنى داخلك… انتهى كلام (ساندر بيتشاي ) إن من يتأمل تلك الكلمات جيدا سيدرك حقا كم نحن نحتاج أن نؤمن بهذا المفهوم ونعمل على تطبيقه في حياتنا. إن من الأخطاء القاتلة التي نقع فيها أننا لا نستطيع في عمل التوازن المطلوب بين تلك الأمور الخمسة، ونضيع بين الإفراط والتفريط، فهناك من يقدس عمله وهذا ليس عيبا في ذاته ولكن العيب والخطأ أن يأتي هذا على حساب باقي الأمور، هذا من جانب ومن جانب آخر علينا أيضا أن نؤمن أن العمل وكما وصفه ساندر إنه كره مطاطية فلا تقلق إذا وقع عملك من السهل أن يعود ولكن الخطر الحقيقي أن هناك أشياء وأمورا إذا وقعت فلن تعود أبدأ أو في أفضل الحالات لن تعود كما كانت منها الأسرة، لذلك أحذر أن ترتكب هذا الخطأ.
إن التوازن هو الحل السحري لهذا، أجتهد في عملك وأخلص فيه، وحين تنتهي وتذهب إلى البيت أعطى البيت حقه وأعطى أسرتك حقها، أنت طبيب مشهور وتعمل بالنهار في المستشفى وفي المساء في عيادتك… أنت رجل أعمال ومشغول معظم الوقت، أنت عامل بسيط، أنت صحفي، أنت كذا أو كذا… تأكد إننا نقدر هذا ونحترمه ولكن وسط هذا الزحام إذا وقعت أسرتك منك فأنت لم تصنع شيئا… وعليك أن تعلم جيدا سيدي الزوج، وعليك أن تعلمي سيدتي الزوجة أن أسرتك هي الوطن الذي تنتمي إليه وتضحى من أجله، عملك هو القوة الاقتصادية التي تدفع هذا الوطن للأمام (إذن أنت تعمل أصلا من أجل الوطن الذي هو أسرتك) فلا تضيع الأصل من أجل الفرع.
أخيرا أقول… علينا جميعا أن ندرك أن الأسرة هي الشمس التي يجب أن نميل إليها كالنبات ينمو ويميل تجاه الشمس ليستمد أولويات الحياة من أجل البقاء.
حفظ الله بيوتنا… حفظ الله مصر… أرضا وشعبا وجيشا وأزهرا

————————————————————-

  • مدرب معتمد للعلاقات الأسرية والزوجية

شاهد أيضاً

إنجي عمار تكتب: قبل ودبر..!

عدد المشاهدات = 7336 قبل ودبر بضم الحرف الاول من كلتا الكلمتين. كلمتان بينهما تضاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.