السبت , 4 مايو 2024

“هجرة” … قصة قصيرة بقلم د. شيماء مكي

= 2060

وقفت أمام المرآة تحدق في وجهها الشاحب ذو الخطوط الرفيعة لا تدري تحديدا متى ظهرت تلك التجاعيد على جبينها .. تأملت شعرها المجهد و تلك الشعرات البيضاء التي أعلنت ظهورها فجأة بكل جرأة و دون استئذان رغم انها لم تتجاوز الخامسة و الثلاثين من عمرها .
نظرت الى جسدها المنهك الذي فقد حيوته منذ زمن رغم احتفاظه بمظاهر أنوثة تطل على استحياء.
أفاقت من شرودها على صوت أنفاس زوجها الذي يغط في سبات عميق غافلا عما يدور حوله.
توجهت نحوه بهدوء فتحت درج صغير بجوار السرير، تناولت قلما و دفترا صغيرا نزعت منه ورقة كما نُزعت ضحكتها و استُبدِلت هما .. و كتبت بخط واثق :
” قد رحلت الى الأبد لا تُشقِ نفسك بالبحث عني ”
و ضعت الرسالة الى جواره و تسللت خارجة من الغرفة.
بعد وقت ليس بطويل أفاق الزوج من غفلته تثائب و مسح وجهه بكفيه و استدار إلى الفراغ بجواره فقد اعتاد أن يوليها ظهره في نومه، بل و في يقظته أيضا .. تأمل مكانها الخالي مستغربا فليس من عادتها ان تصحو مبكرة في يوم العطلة .. لمح الرسالة فتناولها دون اكتراث ..
قفز من السرير فزعا غير مصدقا ما قرأه للتو ارتدى ثيابه مسرعا و خرج من الغرفة متعجلا و لكن دون وجهة،
توقف فجأة حين رآها جالسة على الاريكة تحتسي قهوتها في هدوء، تتأمل السماء من النافذة غير عابئة به.
…” أتمزحين ؟!” خاطبها صارخا
ارتسمت على شفتيها ابتسامة غامضة و أجابت في نفسها ” بل أنا جادة لأبعد حد .. لقد رحلت منذ زمن لكني لم أعلن ذلك سوى اليوم فقط .. ربما بقي جسدي هنا لكن روحي لم تعد .. قد كنت لي وطنا فحملتني على الهجرة “

تمت

شاهد أيضاً

وفاء أنور تكتب: حكاية العم “رجب”

عدد المشاهدات = 6802 أبطأت خطواتنا وهدأت من سرعتها اضطرارًا، اضطربت حركة أقدامنا المثقلة متأثرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.