الثلاثاء , 30 أبريل 2024

هبة عمر تكتب: مساحات مشتركة

= 2333

Heba Omar

 

لا يخالجني أدني شك في أن أهل مصر تجمعهم مساحات مشتركة من التفاهم حول الوطن، مهما اختلفت مواقعهم، ومهما كانت درجة القرب أو البعد عن محيط السلطة في أي زمن، وحجم تأييد هذه السلطة أو معارضتها، لأن الشعور بالحق في هذا الوطن ملك الجميع بلا استثناء، والانتماء له واجب وليس اختيارا، والأمل في تجاوز أزماته رغبة دفينة في الأعماق مهما تباينت الرؤي ومهما اختلفت وجهات النظر.

حين تابعت المؤتمر الوطني الأول للشباب كنت أبحث عن المساحات المشتركة بين مايراه جيل الشباب وماتراه الأجيال التي سبقته، والمساحات المشتركة بين من يؤيد بلا تحفظ، ومن يعارض بلا خوف، ووجدت أن كثيرا مماقيل لم يكن جديدا، ولم يحمل في طياته معني الإبداع الذي كان شعار المؤتمر، فالقضايا في أغلبها معروفة ومتكررة وسبق الحديث عنها وطرح حلول لها آلاف المرات مثل قضايا المشاركة السياسية للشباب وتأهيلهم لتولي المناصب القيادية، وجودة التعليم، ووصول الدعم لمستحقيه، وعلاج أزمة الصرف وارتفاع سعر الدولار، وبعضها كان الحديث المثار حولها مليئا بالمتناقضات والاشتباكات مثل قضية الحرية والتعبير وتعديل القوانين، ومنها قانون التظاهر، وتأثير وسائل الإعلام المختلفة.

 وظهر واضحا وجود تيار يطالب بمزيد من الحريات وتنوع الآراء يقابله تيار يطالب بمزيد من الرقابة والتشديد والمنع لتنظيم الأداء الإعلامي، بينما غابت المطالبة بقانون يضمن حرية تداول المعلومات والبيانات والحصول عليها، وهو القانون المتعثر منذ سنوات رغم أهميته في توفير معلومات موثقة عند الحاجة اليها للصحفيين والإعلاميين والباحثين والمواطنين علي حد سواء، وبلا شك فإن توفر المعلومات الصحيحة يقطع الطريق أمام الشائعات والتكهنات، ويوفر قدرا أكبر من الثقة والوضوح، ويزيد من المساحات المشتركة للتفاهم حول الحقائق، وأظن أن الحاجة اليه الآن أشد إلحاحا من أي وقت آخر لهذه الأسباب.

لم تكن التوصيات التي خرجت من المؤتمر هي الأفضل، ولكن روح الحماس التي سادت بين الشباب والثقة التي تحدثوا بها في معظم الموضوعات، والجهد الجاد في الإعداد للملفات ودراستها، والاعتراف بالحاجة للتدريب والتأهيل لتحقيق أهدافهم.

وجاءت كلمة الرئيس في النهاية لتحملهم مسئولية ضخمة بقراره تشكيل لجنة من الشباب تحت إشراف رئاسة الجمهورية مباشرة، لمراجعة وفحص حالات الشباب المحبوسين علي ذمة قضايا ممن لم تصدر ضدهم أحكام قضائية، لتقدم أول تقرير لها خلال ١٥ يوما ،وتكليف الحكومة بدراسة مقترحات الشباب حول تعديل قانون التظاهر، وربما جاء الاستقبال العاصف بالتصفيق لهذا القرار داخل القاعة دليلا علي أهميته في خلق مساحات مشتركة بين الدولة والشباب بكل أطيافهم، وإعتقاداتهم، وليس فقط "شباب المؤتمر".

وجاءت قرارات الرئيس التي تضمنت تكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب لسرعة الانتهاء من التشريعات المنظمة للإعلام وتشكيل المجالس والهيئات المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي، أيضا لتلبي مطلب حيوي بحت الأصوات خلال العامين الماضيين في المطالبة به، وهو مايفتح طاقة من الأمل في طريق تصحيح كثير من الأوضاع.

———–

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 8588 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.