الأحد , 5 مايو 2024

هبة عمر تكتب: لا نخــــاف..!

= 1583

Heba Omar


يطالبنا الرئيس ألا نخاف، ويكرر المطلب في أكثر من مناسبة، ويرصد التاريخ أن المصريين شعب لا يخاف إذا امتلك المعرفة والوعي بالمعلومات الصحيحة، وتقبل إختلاف الآراء والقدرة علي إتخاذ موقف من كل ما يحدث حوله بالمنطق والعقل قبل المشاعر والعاطفة، وهذا ماتفعله الصحافه علي مدي تاريخها.

و منذ إبتدع عباس الأول خديوي مصر  شعار «إن الأمة الجاهلة أسلس قيادًا من الأمة المتعلمة»، ظلت  الصحافة المصرية تتقلب بين المد والجزر ، والمنع و الرضا، إلي أن تولي الخديوي  إسماعيل أمر مصر، فأظهر اهتمامًا كبيرًا بالصحافة، وفي عام ١٨٦٩ صدرت مجلة «نزهة الأفكار»، وهي مجلة أسبوعية سياسية توقفت بعد العدد الثالث بأمرالخديوي لجرأتها الشديدة، ونقدها اللاذع.

 وتوالت الحقب واستمر إنشاء الصحف واستمر دور الصحافة في تقديم المعرفة، حتي صدر  عام 1960 قانون تنظيم الصحافة، وتم تأميم دور الصحف الكبري، وانتقلت ملكية الصحف إلي الدولة ووصف البعض عصر عبدالناصر بـ  «العصر الشمولي»  لأن الصحافه أصبحت صوتا واحدا، وجاء السادات وأجري استفتاء شعبيا عام 1979  وافق فيه المواطنون علي أن تكون الصحافة سلطة رابعة بجانب السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ مما استلزم إصدار تشريع جديد ينظم كل أمور الصحافة.

 ومع تولي مبارك الحكم في نهاية عام 1981 صدرت العديد من الصحف الحزبية وتحولت القاهرة إلي مركز صحفي وإعلامي مرموق مع صدور صحف عربية ودولية متنوعة.

هذا الإيجاز لتاريخ الصحافة المصرية بعض مما نشرته موسوعة مصر الحديثة، ولكن التاريخ المنصف للصحافة المصرية أكبر من ذلك بكثير، فقد ظلت الصحافة مع  إختلاف قربها أو بعدها عن أنظمة الحكم صوتا للوطن وقضاياه، ومرآة تعكس أحوال الناس والمجتمع، ورغم معاناتها علي مر العصور من التضييق عليها ومحاصرة حريتها في محاسبة المسئولين وكشف وقائع الفساد، وإنتقاد مواقف للدولة وأنظمة الحكم، لم تبحث عن حصانة تجعلها فوق القانون، ولم تبحث الأغلبية العظمي من الصحفيين عن مزايا عينية أو مادية، رغم ما تعانيه هذه الأغلبية من ضيق العيش وقلة الدخل وضآلة المعاش.

 ولم تطلب سوى حرية العمل ومنح فرص عادلة وإتاحة معلومات هي أساس عملها، ورغم الترصد الذي عانته الصحافة علي مدي تاريخها من الرقابة والمنع والتوجيه والتعليمات، ورغم تطلعات « منتهزي الفرص» في كل عصر سعيا للمناصب والمكاسب ولو علي حساب المهنة، ظلت الصحافة قوية لا تخاف، لم تخف حين عارضت إتفاقية السلام مع إسرائيل في عهد السادات، وهدد السادات في غضبته بتحويل النقابة الي ناد، وكان «كامل زهيري» نقيبا للصحفيين، ولم يقبل التهديد وانتهت غضبة السادات فانتهت الأزمة.

 ولم تخف حين وقفت وقفة رجل واحد مع نقيبها إبراهيم نافع في وجه قانون سيئ السمعة في عصر مبارك يحمل رقم ٩٣ في عام ١٩٩٥يجعل الصحافة جريمة يعاقب من يمارسها، وألغي الرئيس القانون وأصدر قانونا جديدا عام ١٩٩٦ وطوال عام حكم الاخوان شهدت نقابة الصحفيين يوميا احتجاجات ضد حكم المرشد، وشهدت تدشين حركة تمرد الداعية لعزله، وظلت أوامر الضبط والإحضار تصدر بحق صحفيين ويتم التنسيق مع نقباء الصحفيين لتسليمهم وحضور التحقيقات معهم وفقا للقانون، دون أن تشن حملات تشويه ضد الصحافة والصحفيين والنقابة، ودون أن تستغل الأزمات في إشعال الفتنه والإنقسام.

الدولة لا ينبغي لها أن تخاف من الصحافة، ولا الصحافة يجب أن تخاف من الدولة، ولا الناس ينبغي أن تنسي حقائق التاريخ، وعلينا جميعا أن نفهم ونتعلم ونناقش ونتفق أو نختلف طبقا لقواعد مرعية وقوانين عادلة، ونوايا تجتمع كلها حول وطن يجمعنا دون تخوين وتشويه.

———-

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 12782 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.