حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
في نفس الوقت الذي انخفضت فيه القدرة الشرائية للعملة بعد تحرير سعر الصرف، ارتفعت تكلفة الحصول علي الخدمات التي تقدمها الدولة، أي أن قيمة النقود انخفضت كما ونوعاً، وهكذا فعلت الحكومة مثل التاجر الشاطر الذي يرفع سعر السلعة وفي نفس الوقت يخفض الكمية وبذلك يرفع السعر مرتين، دون أن تملك حق محاسبته.
وإذا كانت خدمات الكهرباء ومياه الشرب من ضرورات الحياة التي لايمكن الاستغناء عنها، فإن ما تشهده فواتيرها من أرقام مرتفعة، رغم كل محاولات الترشيد والتوفير التي يلجأ إليها المستهلك، تظل عصية علي الفهم والاقناع، رغم التأكيد المستمر من الحكومة علي أن ارتفاع الأسعار »يصب في مصلحة المواطن» ويرفع جودة الخدمة.
حين أعلن وزير الكهرباء خطته لرفع الدعم خلال ٥ سنوات وزيارة أسعار الكهرباء تدريجيا بنسبة ٢٠٪ سنويا، بشرنا محصلي الكهرباء »الفاهمين» ان الفواتير الجديدة للكهرباء سوف تختلف عن هذه الأرقام المعلنة، وهو ما حدث بالفعل بعد شهور قليلة من اعلان خطة الوزارة.
وأصبحت الأسرة التي كانت تسدد فاتورة تتراوح قيمتها بين ٢٠٠ إلي ٤٠٠ جنيه شهريا خلال شهور الصيف، مطالبة بسداد فاتورة تصل إلي ١٥٠٠ جنيه وأكثر، أي انها تتجاوز نسبة ٢٠٪ التي أعلنها الوزير بكثير، ويبدو أن المواطن مطالب بتحمل حرارة الصيف الملتهبة دون الاستعانة حتي بمروحة خوفا من فواتير الكهرباء التي حار في فهمها العلماء!
أما فواتير المياه المجمعة التي تصر شركات المياه علي اصدارها بصورة تقديرية نظرا لنقص العدادات الكافية لكل وحدة سكنية في مصر، أو تعطل كثير من عدادات العقارات وخروجها من الخدمة، فهي معضلة أخري يعجز الناس عن فهمها وتحمل تكاليفها رغم كل التهديدات بقطع المياه في حالة عدم الدفع، الحساب التقديري المعتادة التي عفا عليها الزمن، والتي لاتصب في مصلحة المواطن، خاصة إذا كان المبدأ السائد هو »الدفع أولا ثم الشكوي».
مصلحة المواطن الحقيقية هي التي تمكنه من تحمل تكاليف الحياة بكرامة، دون مواصلة الضغط علي دخله المتناقص في قيمته، و »شطارة» أي حكومة هي في تخفيف هذا الضغط وليس زيادته.
