الجمعة , 3 مايو 2024

هبة عمر تكتب: طريق السلامة!

= 1502

Heba Omar


لا عجب أن يكون هناك فارق كبير في اختيار الوزراء وحقائب الوزارات التي يتولون مسئوليتها بين دول الرفاهية ودول الأزمات ، ففي الأولي يمكن أن نجد وزارة دولة للسعادة تتولاها شابة في مقتبل العمر ووزارة دولة لتنمية المجتمع تتولاها شابة أخري كما حدث في دولة الإمارات مؤخرا، بينما في الدول الثانية يكفي أن نجد وزارات تقليدية تؤدي ما يطلب منها بصورة تقليدية ، ولا تلتفت كثيرا لمتطلبات السعادة أو تنمية المجتمع ، لأنها من أمور الرفاهية التي لاتسمح بها الظروف في وقت الأزمات وإعادة البناء.

ورغم ذلك تهدر مثل تلك الوزارات طاقاتها ومواردها بسبب أخطاء يمكن تداركها ببساطة ، لو انتبهت قليلا لشكاوي ومعاناة الناس، ولا أظن أن معاناتهم اليومية مع الطرق تخفي علي أي مسئول مهتم .

ومع الاعتراف الكامل بما تم ويتم تنفيذه من طرق رئيسية ودائرية وقومية يصل عددها الي 14 طريقا ويصل طولها الي 1200 كيلو متر وتكلفتها 13 مليار جنيه وهو إنجاز ضخم بلا شك  من أجل المستقبل ،  إلا أن هذا لا يعني تجاهل الطرق القديمة وتركها لتتحول الي حفر ومطبات ومصائد للموت ، فهل يعقل أن يصبح حفر الشوارع لتنفيذ أي  مشروع ثم تركها دون إصلاحها هو واقع الحال في مصر؟ وهل يجوز أن تتحول الطرق والشرايين الرئيسية في المدن الجديدة أيضا الي "كمين"  مستمر ليل نهار  يتسبب في وقوع حوادث وإزهاق أرواح؟ وأين تذهب خطط صيانة الطرق و إعادة تأهيلها؟

والسؤال الأهم: هو هل تطبق الدولة معايير السلامة علي الطرق داخل المدن وحولها أم أن إنشاء الطرق وحده يكفي؟

المعاناة اليومية مع طرق داخلية وسريعة تعاني من عشوائية لا حدود لها ، والمطبات والحفر في طرق قديمة وحديثة أيضا  مثل طريق النصر ومحور المشير بشرق القاهرة ، وطريق الشرقية وطرق رئيسية بمحافظات الصعيد ، هي دليل علي غياب الرقابة علي الطرق  وشدة إهمال تجهيزاتها ومواصفاتها العلمية، و هي أيضا إهدار شديد لموارد نشكو من محدوديتها ، لأن إنشاء أي طريق يتكلف ملايين الجنيهات وإهمال صيانته يعني ضياع هذه الملايين ، الي جانب خسائر في الأرواح والسيارات ، مما يجعل مصر في مقدمة دول العالم في حوادث الطرق بكل أسف.  

ولأن الطريق في مصر ليس له صاحب يصبح من حق أي أحد أن يفعل مايشاء دون ضابط أو رابط ، فالمطبات الصناعية التي يفترض إقامتها أمام مناطق معينة مثل المدارس والمستشفيات أصبحت "موضة" متاحة للجميع في أي مكان دون أي التزام بالمعايير القياسية في تنفيذها ، فالمطب أو “المقب” المفترض  ألا يزيد ارتفاعه علي 15 سم وعرضه 4 أمتار لتهدئة سرعة السيارات ، أما علي أرض الواقع فهو شديد العشوائية في انتشاره وفي طريقة صنعه من الأسمنت أو الحجارة ، والأرصفة تكاد تختفي تماما بعد أن احتلتها بضائع المحال التجارية والأسواق العشوائية ، وانتظار السيارات في جانبي الطرق أصبحت هي الملجأ الوحيد لعدم وجود أماكن انتظار أو جراجات كافية ، ومع التغاضي المستمر عن متابعة حال الطرق والشوارع أصبح طبيعيا أن يقيم أي أحد حاجزا في نهر الطريق أمام منزله أو محله التجاري ليتحول الشارع الي ملكيات خاصة لا تخضع لأي قانون أو نظام !

سلامة كل طريق في مصر ليست رفاهية بالتأكيد و لكنها قد تكون بابا لشعور الناس بالرضا والأمان وبعض السعادة، وضبط التنفيذ والرقابة والمتابعة وإجراء صيانة دورية جزء أساسي من مسئولية إدارة الطرق الموزعة بين عدة جهات ، والحائرة بين كل الجهات بحثا عن حل ينقذها ويصلح حالها ، ويوقف إهدارها بالإهمال والتجاهل وسوء التنفيذ….فهل من مجيب؟

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11122 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.