الثلاثاء , 30 أبريل 2024

نهي القاضي تكتب: عفواً..أنا مستقيل!

= 916

(1)

العمل في رأيي هو مبتغى الحياه هو الجدوى من وجودك باعتبارك انسان راشد، على حد ما من الوعي والثقافة والتجارب الحياتية التي تؤهلك لتحمل مسئولية إنجاز بعض الأعمال بهدف تحقيق الذات بالشكل المتماشي مع طموح كل منا، فبرغم المشقة والعناء في العمل الي ان رؤية ثمار هذا التعب  تعوض احساسك بالتعب وتشعرك بالرضا لتحقيق نجاحات ملموسة ” كالترقي ، زيادة العائد المدي، أو أضعف الايمان كلمات الثناء والتقدير من مرؤوسيك” كنتيجة منطقية لما تبذل من جهد وتنجز من مهام. 

ولكن في مصر تختلف المعايير الى حد كبير فللفساد الكلمة العليا في كل القطاعات وعلي كل المستويات والاصعدة. حيث لا يكافأ ولا يترقى إلا من يجيد النفاق والمداهنة او في سياق متصل “له ضهر”. 

قال لي صديقي الناقد الفني “ان تكرار التجارب بشكل أو بآخر فشل” وبما اننا نمارس الحياه مرة واحدة “وهى قصيرة جدا مهما طالت ” فلسنا بحاجة إلى إهدار أعمارنا وتعريض صحتنا النفسية للخطر نتيجة استمرار في عمل انت تعلم بأنه ليس مكانك المناسب وفي قرارة نفسك تردد يومياً “انا لا انتمي الى ها هنا”! 

(2)

فهيا نتفق ان تغير خطتك المهنية وتستقيل اذا تعرضت لأى مما يلي :

لا يوجد احترام او تقدير، .يوجد مثل أمريكي شائع يقول “الموظف لا يترك شركة بل يترك مدير” .. انت لا تحتاج ان تتواجد في نظام لا يحترم دورك ويثمنه ويقدر إسهاماتك في العمل اينما كان توصيفك الوظيفي، اساسي كالمحاسبين في قطاع البنوك “أو تكميلي كمهندسين الدعم الفنى “IT”  مثلاً في نفس القطاع، يجب ان تنال نفس التقدير لوظيفتك ومكانك ونفس الاحترام ونفس العدالة في توزيع العائد  وان يُقدر كل ما قدمت وتقدم في سبيل تطوير كل من شركتك و أدائك الشخصي للعمل.

لا يوجد رؤية واضحة،  هى ترجمة واضحة وصريحة لــ “محدش فاهم حاجة” المنتشرة بالعديد من الشركات، فالشركات والمؤسسات الناجحة يعلم الموظف فيها عن الخطط المستقبلية لهذة الشركة بالتواصل مع المديرين، واذا ما كانوا ينوون الإبقاء علي الموظفين وان يستعينوا بآخرين ام سيتم تسريح الكل “وهتجيب ضلفها” ! 

لا مستقبل ، الكثير من الموظفين في ظل تراخى النقابات العمالية والقوانين الرادعة لرجال الاعمال والمنسقة للشركات يعملون “بلا عقود” تتضمن حقوقهم المادية في حال تم فسخ هذا العقد يستطيع الموظف ان يلجأ للقضاء مثلا ليسترجع حقوقه كاملة فإن كنت من هؤلاء، اترك هذا العمل البائس فورا فلا حقوق لديك أو تأمين صحي او اجتماعي فان كنت لا تشعر بالأمان في هذا العمل فلن تستطيع ان تقدم افضل ما لديك وستكون النتيجة وخيمة علي مهاراتك الشخصية فستتدهور مما يصيب ثقتك بنفسك، وهو ما يتطلب إنفاق كل  ما أدخرت علي علاجك النفسي لاستعادة ثقتك بنفسك وإمكانياتك ..فلماذا ؟ 

لا مســـــاواه، في قطاعاتنا الخاص والعام “إلا قليلا” ومؤسساتنا العميقة “إلا نادرا” ، فـ”الكوسة” تحكم وهى المرادف الشعبي للفظ الصريح “الواسطة” فأنت لا تحتاج الي تواجدك في شركة تستخدم غيرك للترقي والمعاملة المتميزة لمجرد ان “فلان خاله” او من طرف “علان بيه” وان تستمر انت في عدم تقدير مستمر، وفي حسرة ومضض وغضب مما يعود بالسلب عل مزاجك وحياتك الشخصية وتؤثر علي تعاملاتك فتصبح اكثر حدة وغضب. “لي صديقة طلقها زوجها لأنها لم تضع الملح بالكم المطلوب لأنه كان تم تعنيفه وتوبيخه من مديره بالعمل فقرر ان يلقنها نفس القدر من الإهانات .فخرب بيته..طب وليه ؟ 

لا روح معنوية عالية وحماس ، ولا اى تحدي من اى نوع ، لا احد يُفضل تواجده في هذا الاطار الروتيني الممل ، لا تحتاج إلى زميلتك في العمل مدام انتصار التي تستغل اوقات العمل الرسمية “في تفصيص الفاصوليا” ولا ان يكون الاستاذ حسين زميلك اللي يمضي إثبات وجود وينصرف ليلحق “بسبوبته” الأخرى. أجواء مثل هذه من شأنها ان تحولك بمرور الايام الي غبي بكرش لا فائدة منه.

(3) 

أن تواجه فشلاً ما فى إحدى محطات حياتك لا يعنى النهاية بل بالعكس، في معظم الأحيان يعتبر الفشل بداية جديدة وانطلاقة قد تكون فارقة، فقط ان تحليت بإيمانك بذاتك وبعض من الصبر والقوة..

وفي مدرسة الحياه العديد من الامثلة التي نهضت من المعاناة والفقر والفشل إلى النجاح والثراء والشهرة ولنا في “أوبرا وينفري” المثل الاهم ، فالعديد منا يعلم عن اوبرا انها ملكة البرامج الحوارية وسيدة اعمال ناجحة وصديقة النجوم والمشاهير. وقد لا نعلم شيئا عن قسوة نشأتها وانهزاماتها. 

فقد ولدت أوبرا وينفري لمراهقين شابين إثر علاقة عابرة حدثت مرة واحدة ولم يلتقيا بعدها ، لتتربي الطفلة وحيدة مع جدتها لامها في احدى الولايات الامريكية والتحقت بالمدرسة وكان لوحظ تفوقها وذكائها ، وعند إتمامها لسن الثانية عشر عاماً تم اغتصابها علي يد أحد اقاربها وحملت بطفل توفي بعد ولادته مباشرة لتحرم بعدها نعمة الانجاب.

فكان لهذه الاحداث المأساوية الاثر البالغ عليها..فأدمنت تناول الاقراص المخدرة ، وقررت والدتها أن تُلحقها بإحدي دور الرعاية والأحداث، ولحسن حظها لم تجد أوبرا مكانا شاغرا بالمركز فأرسلتها والدتها لتعيش مع والدها رجل الاعمال في ولاية امريكية اخري فأعاد تربيتها بطريقة صارمة وقاسية .

ورغم كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة تخرجت أوبرا من جامعة Tennessee وتلتحق بالعمل كمراسلة لإحدى محطات التلفزيون في سن ال19 عاماً ، وقيل في وقتها انها اصغر مراسلة عملت بالتلفزيون الأمريكي،  وكانت مذيعة نشرات أخبار وفصلها مخرج احدي النشرات “لانها عاطفية في نقل الاخبار” لتبدأ مشوار من العمل الإعلامي به العديد الاخفاقات والنجاحات الي ان شاركت بالتمثيل في دور رئيسي في فيلم “The Color Purple” للمخرج الكبير “ستيفن سبيلبيرج” لتنهال عليها العروض التلفزيونية..حتى أصبح برنامجها “Oprah Show” الاهم والاعظم، وتصدرت قائمة النجوم الاكثر نفوذا فى العالم، وأصبحت أول بليونيرة سمراء في العالم.  وهناك كثيرون غيرها من النماذج الاجنبية والعربية، ولا تكاد دائرة معارف أحدنا تخلو من شخص عصامي مجتهد حقق نجاحا بعد إخفاق وفشل، المهم الاساس هنا أن تتحري الطريق السليم لتصل الي ما وصل اليه هؤلاء.

(4)

ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 8779 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.