الخميس , 2 مايو 2024

نهال مجدي تكتب: الرقم الصعب..!

= 1776

المهتمون بالشأن الدولي تابعوا عن قرب الجولة الأولي للانتخابات الفرنسية التي أجريت في وقت سابق من هذا الشهر وفاز بها إيمانويل ماكرون (39 عاما) المنتمي لحزب الوسط. ويستعر السباق الآن استعدادا للجولة الثانية والتي تحاول اليمينية المتطرفة ماري لوبان ان تفوز بها، ولكن ربما يقلل من حظوظها أن أغلب المرشحين الأخرين الذين خرجوا من السباق الرئاسي يدعمون ماكرون في مواجهة لوبان، ناهيك عن دعم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نفسه لماكرون.

اللافت للإنتباه هنا أو بالتحديد ما يعنينا في هذا المشهد كمصريين، او كبلدان عربية أطاح ببعضها ثورات الربيع العربي، هو رقم هام للغاية والذي منه تحديدا نبدأ اذا كانت لدينا إرادة حقيقية في ترسيخ قواعد الديمقراطية ببلادنا. هذا الرقم هو 75% تقريبا حجم مشاركة الفرنسيين في إختيار رئيسهم القادم. والحقيقة أن هذا الرقم هو أعلي من المعدلات العالمية للمشاركة في انتخابات الرئاسة، فعلي سبيل المثال في الانتخابات الأمريكية الأخيرة قام 53% فقط ممن لهم حق الانتخاب بالتصويت.

أما في مصر وصلت نسبة المشاركة الي 47،4% في إنتخابات الرئاسة لعام 2014، وإنخفضت هذه النسبة بشكل يثير التساؤل والقلق في الانتخابات البرلمانية لعام 2015 لتصل الي 15% فقط ممن يحق لهم التصويت.

والأن..ماذا تعني هذه الأرقام؟

تعني ببساطة أن كثافة المشاركة هي الخطوة الأولي في طريق الديمقراطية، فالديمقراطية ليست منحة ننتظرها من الحاكم أو إدارة، بل حق ننتزعه ونفرضه أمراً واقعاً. في الدول التي ترسخت فيها قيم الديمقراطية يعتبرون الإدلاء بأصواتهم واجب قومي وليس مجرد ميزة للمواطن..أي أنه ضرورة وليس إختيارا لضمان استمرار نمط حياتهم وأداة لمحاسبة المسئولين يجب أن يحتفظوا بها إذا اقتضت الضرورة.

والآن وبالعودة للشارع السياسي المصري، نجد أن الكثيرين لا يرضيهم أداء البرلمان ويرون أنه لا يرتقي لمستوي التحديات التي تواجه الوطن، وما يتوقعه منه المواطن.

ولكن مع النسب المتدنية في التصويت، علي من يقع اللوم في المقام الأول في هذه الحالة؟ علي الرشى الإنتخابية وشراء الأصوات؟ بالقطع مثل هذه الممارسات الفاسدة التي تتم في الإنتخابات قد تكون عاملا من عوامل الإفساد؟ علي المناخ غير الديمقراطي التي تتم فيه الانتخابات؟ قد أوافق أيضاً علي أن التجربة الديمقراطية في مصر لم تنضج بعد..ولكن هذه العوامل جميعها تتناسب عكسياً مع كثافة المشاركة في الانتخابات.

ففي الوقت الذي عزفت الطبقة المثقفة الواعية عن المشاركة الفعالة في إختيار الأفضل في البرلمان الذي يحدد شكل مستقبلنا .. تركنا (بحسن نية) هذه المهمة لمن هم ليسوا أهلا لها ولم يكن يجب أن تترك لهم وحدهم الكلمة الأخيرة في هذه الإختيارات.

والآن والإنتخابات الرئاسية تقترب يطفو علي السطح السؤال الذي يبدو أزلياً منذ ثورة 1952 وهو..من البديل؟ وهنا أيضاً لابد وان يبرز دور الرأي العام المصري…فالشعب الذي استدعي المشير عبد الفتاح السيسي وطالبه بالترشح للرئاسة من حقه أن يعيد تقييم المشهد السياسي في نهاية الفترة الأولى، وقد يأتي بمرشح آخر إن وجده من الضروري أن يستكمل المسيرة وجه سياسي جديد. كما أن من حقه أيضاً تجديد الثقة في الرئيس مرة أخري ويعطيه فرصة لإستكمال ما بدأه خلال فترته الرئاسية الأولي.

أيا كان القرار المهم هو أن نؤمن بأننا بالفعل نملك زمام الأمر ونستطيع تغيير المشهد السياسي إذا أردنا، وأن الآراء والنقاشات السياسية لن تغير شيئاً علي أرض الواقع إذا ظلت مجرد أراء علي مواقع التواصل الاجتماعي، أو مشادات بين الأصدقاء وعلي المقاهي. إهتمام الرأي العام والفاعل أمام صناديق الإقتراع هو السبيل الوحيد لمستقبل أفضل.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 9824 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.