الإثنين , 29 أبريل 2024

نساء على قمة السلطة ..بين الصعود والصراع وتقييم الأداء السياسي

= 858


القاهرة – حياتي اليوم

 تاج السلطة.. حلم طالما راود المرأة عبر عصور طويلة متعاقبة، وتوارثت النساء هذه التطلعات والأحلام جيلا وراء جيل، ومع حلول القرن العشرين ، كانت المرأة مع موعد لتحقيق طموحاتها، التي لم تعد تقتصر على مجرد تولى المناصب القيادية، أو حمل الحقائب الوزارية، بل تجاوزت ذلك إلى حد تولى منصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في كثير من دول العالم النامي والمتقدم على حد سواء.

 وقد نجحت نساء كثيرات في الوصول إلى مقعد السلطة، كما برزت نساء أخريات لعبن دورا هاما في التأثير على السلطة من خلف الكواليس، وكان بعضهن المحرك الحقيقي للأحداث والقرارات الهامة في بعض الدول.

 وفي أحدث إصدار يتناول ذلك ، أصدر الباحث السياسي والإعلامي خالد الأصور كتابه العاشر الموسوم " نساء على قمة السلطة في العالم المعاصر.. الصعود والصراع وتقييم الأداء السياسي" في 500 صفحة من القطع الكبير عن دار النخبة للنشر والتوزيع (2017)، وهي موسوعة يمثل هذا الكتاب جزءها الأول، موضحا أنه يعني بنساء السلطة ممن هن في واجهة الأحداث وفى الصدارة الأولى للمشهد السياسي في دولة ما.. بمعنى أن هذه الموسوعة معنية فقط وحصرا برئيسات الجمهوريات ورئيسات الحكومات، دون غير ذلك من المناصب، ممن يمارسن دورا تنفيذيا حقيقيا، ولذلك لا تعني هنا حتى برئيسات الجمهورية في الدول التي يعد هذا المنصب في نظامها السياسي شرفيا وفخريا إلى حد كبير، وهي الأنظمة البرلمانية ، ومثال ذلك الهند التي تولت منصب رئاسة الجمهورية فيها السيدة "براتيبها باتيل" عام 2007، فهي ليست ضمن محور اهتمام هذا الكتاب، لكون منصبها غير تنفيذي، فيما يدخل في اهتمامه مواطنتها رئيسة الوزراء الراحلة انديرا غاندي، التي ترأست الحكومة الهندية عام 1966، باعتبار أن صاحب هذا المنصب فى الهند هو من يمسك بأطراف السلطة الحقيقية في البلاد بموجب الدستور الذي يعتمد النظام البرلماني في الحكم.

 كما أن الموسوعة إذا لم يكن قد تناولت حصريا (كل) النساء المعاصرات اللواتي تولين السلطة وفق هذا المفهوم ـ باعتباره جهدا ينوء بعدد صفحاته كتاب واحد ـ  لذا يعتزم الباحث بحول الله تعالى إصدار أجزاء أخرى من الموسوعة تتناول بقية النساء الحاكمات قديما وحديثا، ومع ذلك فقد شمل هذا الجزء من الموسوعة (جل) النساء المعاصرات الحاكمات، وأبرزهن وأكثرهن حضورا وتأثيرا في ذاكرة السياسة الدولية، وهن 26 شخصية ، موزعة بين آسيا (12 شخصية)، وأوروبا (6 شخصيات)، والأمريكتين (8 شخصيات).

 وقد استهل الباحث تناول كل شخصية بإرفاق تعريف موجز مركز يتضمن المعلومات الأساسية لكل دولة تولت رئاستها أو رئاسة حكومتها امرأة، عرضت لها هذه الموسوعة، من حيث تأسيسها وموقعها ومساحتها ولغتها الرسمية واللغات الأخرى وعاصمتها وعدد سكانها والديانات السائدة فيها ونظامها السياسي برلمانيا كان أو رئاسيا، ليكون القارىء على اطلاع بحجم الدولة وتاريخها ونظامها، مع إثبات صورتين شخصيتين للمرأة الحاكمة.

 وتتألف هذه الموسوعة، من مقدمة ترصد ـ في إيجازـ  الجذور القديمة لظاهرة حكم النساء، وتفسيرها الاجتماعي وتطورها، وتحدد أوجه الشبه والمقارنات بين التجارب النسائية في السلطة، ورحلة صعودهن إليها، مع اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية بين دولهن والقارات التي تنتمى إليها، ويلى المقدمة فصل تمهيدي "المرأة .. ونصف قرن من الصعود السياسي" يستعرض العلاقة الأزلية بين المرأة والسلطة، وسعى المرأة الحثيث على مدى قرون للوثوب إلى كرسي الحكم، الذى ظفرت به في استثناءات نادرة على مر التاريخ، حتى كانت على موعد مع النصف الثاني من القرن العشرين الذى شهد ظاهرة فوزهن بتاج السلطة في بلدان كثيرة، وتحديد العوامل التي ساهمت في خلق الأجواء الملائمة لذلك.

 ثم يدلف الباحث إلى أبواب الموسوعة الثلاثة، لاستعراض التجارب النسائية في الحكم، من خلال عدة محاور رئيسة، التزم بها واستفاض فيها أو أوجز، حسب أهمية السيدة الحاكمة ، التي تنبع أحيانا من أهمية الدولة الى ترأستها، وطول أو قصر فترة حكمها، وما لابسها من أحداث، وتبدأ هذه المحاور بالنشأة الأولى لرئيسة المستقبل، وثقافتها وتعليمها، ومحيطها الأسرى والاجتماعي، والظروف السياسية السائدة.. وأثر ذلك كله في صياغة شخصيتها، وتوضيح ما تتميز به هذه الشخصية من سمات، سواء كانت من عوامل نجاحها أو إخفاقها في ممارسة دورها على المسرح السياسي لاحقا.

  ثم يأتي محور تتبٌّع رحلة الصعود السياسي للنساء الحاكمات، والعناصر الدافعة والمحفزة لهذا الصعود، وكذلك المعوقات، ودور العنصر العائلي، والأوضاع السياسية المحيطة، والأحزاب والحركات السياسية الداعمة أو المناوئة، وما يجره ذلك من توتر واحتقان يصل أحيانا مع بعض النساء الحاكمات إلى درجة العداء، بل والاغتيال، فالسلطة لها إغراء لا يقاوم، ومن جربها لا يستطيع العيش بعيدا عنها، فإن لم يصل إليها أفنى الباقي من حياته ساعيا إليها، وذلك ما ينطبق على كثير من التجارب النسائية في الحكم، والتي آل الكثير منها إلى دموع ودماء وأشلاء، إثر تدبير اغتيالات ومحاولات اغتيالات عديدة، سواء لهن أو لذويهن وأنصارهن، يعرض لها الكتاب فى سياق الصراع على السلطة.

 ويختم الباحث كل شخصية ـ غالبا ـ بأقوال مأثورة على لسانها في مناسبات مختلفة، وأحيانا نضيف إلى ذلك ما قيل من أقوال مأثورة عنها على لسان بعض المعاصرين لها، من واقع رحلة صعودهن السياسي وتجربتهن في الحكم، وفي مثل بعض هذه الأقوال، قال لقمان الحكيم: "إن من الكلام ما هو أشدّ من الحجر، وأنفذ من وخز الإبر، وأمرّ من الصبر، وأحرّ من الجمر".

  والأبواب الثلاثة للجزء الأول من الموسوعة، تم تقسيمها على أساس قاري، بمعنى انتماء الدولة التي حكمتها رئيسة ما إلى قارة ما، ومن ثم ، فقد تم حصرهن في قارات (آسيا و أوروبا والأمريكتين)، وقبل الولوج إلى تجارب النساء الحاكمات في كل قارة، هناك "تمهيد" يسبق كل باب على حدة، يعد بمثابة توطئة موجزة تقدم أهم ملامح تجاربهن في الحكم، وجاء ترتيبهن في الأبواب الثلاثة وفقا لأسبقية وصولهن إلى سدة الحكم، مع ملاحظة أنه في حالة وجود سيدتين حكمتا بلدا واحدا ـ كما في الفليبين وبنجلادش ـ أو بينهما صلة قربى ـ كما في سيريلانكا ـ فإن الباحث استعرض تجربتهما في مبحثين متتاليين، مع استثناء الثانية من قيد الأسبقية ـ حتى تكون المقارنة بينهما حاضرة في ذهن القاريء.

  ويأتي الباب الأول "آسيا.. قارة النساء" ليقدم لنا في اثني عشر مبحثا، اثنتي عشرة من أبرز النساء الآسيويات الرئيسات.. بدءا بـ "سيريمافو بندرانيكا: الرئيسة، زوجة الرئيس، أم الرئيسة" فى سيريلانكا عام (1960)، و انتهاء بـ "بارك كون هي ـ ابنة الديكتاتور!" في كوريا الجنوبية عام (2012)، أي بعد أكثر من نصف قرن من التجربة الآسيوية الأولى.

 ثم يتلوه الباب الثاني "أوروبا.. اللحاق بالركب" ليعرض فى ست مباحث، ستا من تجارب الرئيسات الأوروبيات، بدءا بـ "مارجريت ثاتشرـ المرأة الحديدية" في بريطانيا عام (1979)، وانتهاء بـ "يوليا تيموشينكو ..أميرة الثورة البرتقالية" في أوكرانيا عام (2005)، بعد أكثر من ربع قرن من التجربة الأوروبية الأولى.

 وأخيرا يأتي الباب الثالث "الأمريكتان.. زوجات وأرامل" ليقدم فى سبعة مباحث، سبعا من تجارب الرئيسات الأمريكيات، بدءا بـ "إيزابيلا بيرون ـ  راقصة بدرجة رئيسة!" في الأرجنتين عام (1974)، وانتهاء بـ "ميشيل باشليه.. ابنة الجنرال" عام (2006)، أي بعد نحو ثلث قرن من التجربة الأمريكية اللاتينية الأولى. 

شاهد أيضاً

متحف محمود خليل…يجمع بين المدارس الفنية التشكيلية

عدد المشاهدات = 1754 بقلم: هبه محمد الأفندي ولد محمد محمود خليل في سنه 1877م …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.