تضيع الكلمات وسط ضجيج الزحام…أصوات متعالية متداخلة تقول كل شئ ولا تقول شئ…أنهج ضيقة والعابرون كثر والإزدحام شديد…صور متراكمة وأفكار مشتتة وكلمات بلا معنى وأيام نعددها ولا نعدها…
صمت مريب ينتابني…والجسد تأخذه قشعريرة غريبة أقرب إلى الوهن منها إلى الحيوية…صرت أرى وأسمع ولا أرى ولا أسمع…
أفتح فضائيات فلا أرى سوى قوم رحل يحملون بعض أمتعة يحاولون بها أن يدثروا من برد قاس يلدغ أجسادهم وينهشها، أرى رقابا تقطع، أرى ترسانة من الأسلحة تعبر البحار من الأطلسي إلى المتوسط، أرى دموع الثكالى لفقدان الزوج والإبن والأب والأخ والأخت…اختزال عائلة بأكملها في شخص يظل معاق أو ربما يفقد الذاكرة لهول ما رأى…
تجهت إلى المرآة ولعنتها. قلت لماذا فقدت مصداقيتك؟
صرت لا أرى جمالي…صرت لا أرى جمالا، كما أرى قبح الإنسانية في سلوك البشر الذي ساده منطق العنف والقتل والتقاتل…تاهت الكلمات وقلت هي علامات الساعة قد حانت…واستسلمت لمصيري.
————-
* نجاة هرابي إعلامية تونسية.