الحب تَكْمُن قُوتِه الحقِيقة فِي قُلوبِنَا عِندَمَا نُحِبّ الأشْيَاء والْأَشْخَاص مِن حَوْلَنَا فَهُو حَيَاة وَفَضِيلَةٌ تَعْلُو بِهَا وتسمو أَرْوَاحَنَا عَنْ الْعَبَثِ والتهريج وَالِابْتِذَال، ويحمي الْعُقُولِ مِنْ الضَّيَاعِ وَالتَّشَتُّت والتبعثر فتجربته عَمِيقَة، يَنْتَقِلُ بِهَا الشَّخْصُ مِنْ الْقَسْوَةِ البَارِدَة إلى تَقْدِيمِ الْحَرَارَة الحياتية الدافئة وَالتَّقْدِير وَالِإحْتِرَام .
فَهُو جَمِيلٌ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَيْضًا دَرَجَة الْهَوَى وَمَيْل النَّفْس وَالْوُدّ وَالشَّوْق والصبابة والسهد وَالنَّجْوَى و الجَوِّيّ والهيام، لَا نَهْتَم بِالْحَبّ قَدر مَا نَهْتَم بِالْحُزن وَالْأَسَى الْحَبّ يرتوي بِدُعَاء.
فالشروق لَيْس لِلشَّمس فَقَطْ بَلْ لِلْحَبّ شُرُوق كشروقها فَالسَّلَام لِقُلُوب يَصْنَعُونَ مِنْ الحَبِّ بَعد شروقه الفَرَح ومِنه العِشْق فِي الْحَيَاةِ لَا يُشْبِه عَشِق، وَقَد نبحث عَنْهُ فِي الْقُلُوبِ الصَّادِقَة الْمَمْلُوءَة بِهِ لَيْسَتْ الجائعة، فَتَكُون أَسْرَى الْحُزْن وَالْخِيَانَة.
وَلَا يتتطلب مِنَّا القَلب المُبَالَغَة وَالإسْرَاف فَنَأْتِي أَشْبَه بالذبول وَرَدَّه حَزِينَة عَلى أَنَّ يدًا أثيمة قطفتها نَتِيجَة الْحَبّ الزَّائِد وَالِإهتِمَام الْمُبالَغِ فيهِ؛ فالبذخ العاطفي إقترابه مُزْعِج لِلْغَايَة.
الْحَبّ فَهُم وَنِيَّة طَيِّبَة صَادِقَةٌ، الحَبّ مَنْهَج حَيَاة .
فاللهم غَيْث الْقُلُوب بِالْحَبّ لِقُلُوب مَرَضِهَا الظَّمَأ، أَجْوَاء الْحَبّ رَائِعَة نَرَى فِيهَا الجِمالُ بِشَكْل مُخْتَلَفٌ ونحتاج لِصَفَائِه، فَهُو اقْتَبَسَ مِنْ الشَّمْسِ الدفىء وأقتبس مِن الْقَلَائِد التماسك وَالتَّأَلف وَإِن لم يكُن كُل ذلِك لَا بَأْس علينَا فأَذَآنٌ وَجَع الْقَلْب وَالْعَقْل أَتِي لَا مَحَالَة مِن الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ وَالِإكتِئَاب.
إنْ لم تَكُن حَيَاتِنَا مَبْنِيَّة عَلَى الحب بين الْأَهل والْأَصْدقاء وَالْأَقَارِب وَالْأَزْوَاج، فتهانيا علينَا بِالْجَفَاء ثُمَّ يَتْبَعُهُ حُزن وَأَسى، ثُمّ إكْتئَاب، ثُمّ اِنْتِحار.
حزن كُلِّ شَيْء بلَا حبٍّ لَن نَرَاك إذَا، ارْتِدَاء الْقَلْب لِلْحَبّ تيشرنا بالقادم وَجَمَالِه وتنفث الرُّوح أمالًا، فسلامًا لِمَن يسكنوه وَمَن جاوروه فَأَحْسِنُوا السُّكْنَى والجيرة.