في ليلة عاصفة شديدة البرودة كانت تقف وحيدة في بداية الطريق لا تفعل شيئا .. تنظر بعيون تائهة حائرة فارغة من كل شئ سوي الحياة.. طفلة صغيرة في عمر الزهور نحيفة البدن ترتدي بعض الملابس الرقيقة في فصل الشتاء لها عينان غائرتان فاتحة اللون دامعة دون بكاء تتطاير أمام عينيها بعض خصلات شعرها في كل اتجاه تلك الخصلات التي لم يغير الطريق لونها و لكنه أطفأ بريقها …
كان الجو عاصفاً في ذلك اليوم يعصف بكل ما في الطريق ولكنها كانت صلبة لا يحركها شئ سوى خصلاتها المتطايرة، وبعض ملابسها تطير في الهواء فتكشف عن جسدها المتجمد النحيل..كيف يمكن للهواء ان يعصف هكذا ببدنك النحيل..! ترى ما يبكيكي و من يأويكي؟
كنت في عربتي متلفعةً في معطفي وكانت العربة شديدة الدفئ فقد أدرت المبرد علي الضوء الأحمر حيث السخونة وحين اقتربت منها فتحت الزجاج فإذا بالبرودة تسري في يدي نظرت إلي بريبة شديدة اعطيتها بعض النقود سألتها ما اسمك؟ قالت شذا.. و لم تتكلم او تقل شيئا… ترى ماذا لو تكلمت شذا ماذا ستقول؟ ربما لتطايرنا خجلا كالشظا…
عذراً شذا.. لم نستطع يوماً ان نأويكي او نحمكي من الأذى .. لم نفلح ان نواري عنك الأسى ..فعذراً شذا..
وبالأمس رأيتها .. نعم كبرت شذا … عفوا هى لم تعد “شذا” فقد صارت اليوم “شهداً” لكل من أراد أن يذوق العسل ..
لا تخجلوا من كلماتي واذهبوا .. سوف ترونها عند قارعة الطريق … و ستعرفونها فلازالت الدموع تملأ عينيها .. هذبت خصلات شعرها ووضعت العطور .. تقف كما رأيتها يوماً في انتظار المجهول .. بوركنا جميعاً فشذا التي كانت بالأمس طفلةٌ ملقاة في الطريق .. صارت اليوم .. فتاةُ ليل .. تبحث عن رفيق ..!
“
عذراً.. شهداً .. أو شذا !