حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
استمرت لأعوام دون أي حل جذري يعالج الموضوع حتى اعتاد الموظفون ارتداء الملابس الصيفية بداية الاسبوع ويتدرج الأمر مع الانخفاض المستمر للحرارة إلى نهاية الاسبوع، فيصبح خيارهم الوحيد الملابس الشتوية .. تقلب عجيب في درجات الحرارة بين البرودة الشديدة الى الحرارة اللاهبة، و الأقرب الى تنقلك بين حمام ساونا والفريزر !
شعور عميق بالألم ..فشل طاقم من المهندسين في التوصل الى حل يرضي جميع الموظفين، فالمعنيون يعتقدون أن الدرجة المناسبة هي 26 والموظفون لا يفضلون غلق التكييف بعد ساعات العمل نظرا لوجود النباتات والأجهزة الحساسة التي قد يصيبها التلف نتيجة اختلاف درجات الحرارة .. رأي آخر طفا على السطح وهو شخص لا علاقة له بالأمر إلا أنه يبادر بغلق التكييف كلما مر قرب القابس لانه يعتبره هدرا للمال !!
التبعات لم تتوقف عند التقلب المزاجي لمكيف الهواء، والشمس تضحك ساخرة ممن احتموا من حرارتها الطبيعية إلى حرارة صناعية، فقد تدهورت صحة الموظفين وباتت اصابتهم بالانفلونزا، وإجازاتهم المرضية جزء من روتين العمل جيش من الموظفين من جنسيات مختلفة عجزوا عن إيجاد حل جذري لمشكلة مكيف الهواء .. بالنسبة لبقية الموظفين، فإن الأمر مضحك أن تستمر المشكلة لأعوام، وأن يصبح عطل الكمبروسر عطلا متكررا شبه يومي ولا إجابة مطمئنة بأن المشكلة في طريقها إلى زوال، فالكمبروسر عاطل، ويتم استبداله في كل مرة والمشكلة مستمرة !!
استمرار المشكلة دون حل حتى تتفاقم تؤدي الى ظهور مشكلات جديدة أكثر تعقيدا، فنصبح أمام أكوام من المشكلات لا نعلم من أين نبدأ ،إن وجود المشكلة أمر طبيعي ولا يمكن منعه لكن تكرار نفس المشكلة هو ما يجب الوقوف عنده والبحث عن أسباب تكراره وذلك بالخروج من المشكلة والنظر إليها عن بعد وتقيميها، 0فالتفكير الكثير في المشكلة يدخلنا في دوامة تمنعنا عن التفكير السليم . وتكرار المشكلة يتطلب اللجوء أيضا إلى آخرين لم يكونوا السبب في احداثها حتى يعبر الحل عن وجهات نظر متنوعة.
قد تعترض الحلول حالة من التشويش، وهم اشخاص قد يضعون العراقيل لأي حل مبتكر أو غير مألوف لأسباب عدة من أهمها أن الحل لم يأت من الشخص المعني، فهو يرى ذلك انتقاصا من مكانته ،أو إن الحل قد يمثل عبئا معنويا أو ماديا أو جهدا اضافيا على المدى القصير ، فلا ينظرون إلى النتائج الإيجابية على المدى البعيد.
بعض المشكلات تبدو صغيرة للعيان إلا إن لها جذور في الأعماق كمن ينظر الى جبل جليدي صغير يطفو فوق الماء، وهو لا يعلم أن الجزء الأكبر من الجبل أسفل الماء، وممتد في الاعماق السحيقة، وهذه يطتسمى المشكلات غير الظاهرة التي قد يصطدم بها الفرد ويؤدي الى هلاكه لأنه لم يبحث في جذور المشكلة ، هناك فرق بين التركيز على المشكلة والتركيز على حلها، فالأولى ستمنعك من التوصل الى حل ناجع، اما الثانية، فانك ستتمكن من الوصول الى عدة حلول.
فعلى سبيل المثال واجهت أحد المصانع الضخمة مشكلة التفريق بين الصناديق الفارغة بالخطأ، فقام المسؤولون بصناعة جهاز بالاشعة السينية للكشف عن الصناديق الفارغة، ووظفت أشخاصا للقيام بهذا العمل في حين مصنع آخر صغير وضع حل أكثر ابداعا لنفس المشكلة وبتكلفة أقل وهو أتوا بمروحة كهربائية تم ضبطها على قوة وزن الصندوق الفارغ وتوجيهها إلى خط الإنتاج، فإذا كان الصندوق فارغا يسقط من تلقاء نفسه بفعل قوة دفع الهواء.
أساليب عديدة لحل المشكلات كلها تعتمد على استثمار التفكير والبحث عن حلول إيجابية أذكر بعضا منها كـ"طريقة تريز" وهي تهدف إلى حل المشكلات في إطار عام معرفي تم اشتقاقها من مجموعة كبيرة من براءات الاختراع في المجالات العلمية والهندسية، فهي تعتمد على على المعرفة المتراكمة في المجال الذي توجد به المشكلة. أما الطريقة الأخرى فهي طريقة عظمة السمكة أو كما يسمى بمخطط السبب والتأثير (ايشكاوا) في هذا المخطط يعتبر رأس السمكة المشكلة الأساسية وكل عظمة من عظام السمكة عبارة عن عنصر من عناصر المشكلة، وتتبع هذه الطريقة بمشاركة جميع المسؤولين عن المشكلة فيقومون بتحليل اسباب المشكلة ووضع كل الأسباب المتعلقة بها وان كانت صغيرة . هذه الطريقة تعتمد على جمع المعلومات وتحليلها بهدف وضع الحلول.
بعض الشركات العالمية عندما تعترضها المشكلات يلجأون الى طلبة الجامعات والمدارس لانهم يمتلكون أذهانا صافية لم تعبأ بالخبرات التي تعد أحيانا أحد أسباب تراكم المشكلات في المؤسسات.
إن الشعور بوجود المشكلة فعليا والإحساس بمعاناة الآخرين أول طريق الحل، فغالبا ما تكون الحلول امامنا إلا أننا لا نراها لأننا نركز على المشكلة، وأحيانا نضخمها حتى تصبح الحلول القريبة حلولا بعيدة عن المنال.
