الجمعة , 3 مايو 2024

مرفت العريمية تكتب: رفقا بالمرضى (1من 2)

= 1227

Mervat Oraimy 2

 

حتى لا نكون نحن والمرض عليه وهو في أضعف حالاته عند المرض ويبحث عن نظرة حنان أو عطف يتمنى أن لا يشعر بالألم، يصبح متقلب المزاج وهنا يأتي دور الطاقم الطبي في تخفيف معاناة المريض فنصف الشفاء يأتي بتعزيز الروح المعنوية وطمأنة المريض..

حكى أحد المرضى في برنامج إذاعي عن تجربته مع طبيب فيقول: دخلت على الطبيب وأنا على كرسي متحرك وهو منغمس ينظر إلى شاشة الحاسوب لم يلتفت لي بل من خلف الشاشة كان يحدثني.. شكوت له علتي وأخبرته أنني حتى الأمس كنت أستطيع المشي وأن أقضي حوائجي دون معاونة أما اليوم  فبالكاد أستطيع الجلوس على المقعد وأشعر بآلام فظيعة في ساقيي وكافة جسمي .
اكتفى بما شرحت له ثم قال: يبدو لي أنك قد فقدت القدرة على المشي منذ سنوات عدة!!، فقلت: ماذا!!  كيف.. لكن … كتب لي الوصفة وذهب؟!
وقديما في بغداد كان هناك طبيب يدعى نعمان لم ينجح في مداوة المرضى  فأصبح مصدر إلهام للشعراء، يقول أحدهم :
أقول لنعمانٍ وقد ساق طبّه … نفوساً نفيسات إلى داخل الأرض
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا … حنانيك بعض الشر أهون من بعض.


في حكاية رواه زكريا القزويني حول ابن طبيب حكى عنه أنه حاول الادعاء بإلمامه بالطب فأثبت فشله يقول :" ومن الحكايات العجيبة، ماحكي أن أحد الأطباء دخل على مريض وجس نبضه، وشاهد تفسرته؛ فقال له: لعلك تناولت شيئا من الفواكه؟
قال المريض: نعم.
فقال الطبيب: لا ترجع تأكل منها، فإنها تضرك.
ثم دخل عليه في اليوم التالي، ورأى النبض والتفسرة، فقال: لعلك أكلت لحم فروج؟
قال المريض: نعم.
فقال الطبيب: لا ترجع تأكله فإنه يضرك.
فتعجب الناس من حذق الطبيب؛ وكان للطبيب ابن، فقال له: يا أبت، كيف عرفت تناوله الفاكهة والفروج؟
قال: يا بني، ما عرفت ذلك بالطب وحده، بل بالطب والفراسة.
فقال له: كيف عرفت بالفراسة؟
فقال له: إني لما دخلت دار المريض، رأيت على سطح الدار سقاطات الفواكه، ثم رأيت في وجه المريض انتفاخا، وفي النبض لينا، وفي التفسرة غلظا وفجاجة، وعلمت أن الفاكهة إذا حضرت عند المريض لا يصبر عنها؛ فظهر لي من هذه الشواهد أنه تناول الفاكهة؛ وما جزمت بها، بل قلت: لعلك أكلت؟ وفي اليوم الثاني رأيت على باب الدار ريش فروج، وفي النبض امتلاء؛ وفي الرسوب غلظا، فعرفت أن الفروج لا يأكله الا المريض غالبا، فظهر بهذه الشواهد، وما جزمت به بل قلت: لعلك فعلت هذا؟
فسمع ابنه هذا الكلام، فأحب أن يسلك مسلك أبيه، فدخل على مريض، وجس نبضه، وشاهد تفسرته؛ فقال له: لعلك أكلت لحم حمار؟
فقال المريض: حاشا وكلا، كيف يؤكل لحم الحمار أيها الطبيب؟
فخجل ابن الطبيب وخرج، فانتهى ذلك إلى أبيه، فأحضره وسأله: كيف عرفت أنه أكل لحم حمار؟ فقال: لأني رأيت في دارهم برذعة، فعلمت أنها لا تكون إلا للحمار، ثم قلت: لو كان الحمار حيا لكانت برذعته عليه، وإذا لم يكن حيا فإنهم ذبحوه وأكلوه. فقال أبوه: لو كان شيء من هذه المقدمات صحيحا لرجوت فيك النجابة، ولكن المقدمات كلها فاسدة، وطمع النجابة فيك محال”


نوادر الاطباء كثيرة نراها كل يوم تقريبا في حياتنا ،فمع تدهور مفاهيم  التعلم واهداف التعليم تتدهور كافة المنظومات المهنية   ..تؤكد الدراسات والممارسات الطبية ان كفاءة الطبيب مرتبطة ارتباطا وثيقا بما يملكه من صفات انسانية  واخلاق عالية فكلما تحلى بها كلما نجح في عمله وحقق قبولا بين المرضى والعكس صحيح، فقد  ذكرت دراسة اجرتها احدى الدوريات الطبيبة عن أكثر الصفات التي يفضلها المرضى في الأطباء فجاءت النتائج على النحو التالي: الصدق، التعاطف، الإنسانية، الثقة بالنفس، المحافظة على سرية الحديث، الصراحة، الاحترام.
 

إن المعايير الإنسانية بشكل عام أصبحت تتلاشى شيئا فشيئا في كافة المهن لكن تظهر جليا في الخدمات الصحية لأنها أكثر الخدمات مساسا بحياة الإنسان وسلامته وقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة إلى حد ما في تقليل التواصل المباشر بين الطبيب والمريض، ولم تعد تهتم بعض المؤسسات الصحية في انتقاء طاقم طبي يتحلى بالصفات اللازمة للمهنة. فالطب كالكثير من المهن تحولت إلى وظيفة ومصدر للرزق ووجاهة اجتماعية أو مصدر لتحقيق الثروة فهذه المهنة المقدسة بدأت تفقد بعضا من مفاهيمها الأصيلة وتتحول إلى أدوات ونظريات خاوية لا تحمل معاني الإنسانية، وإلقاء نظرة بسيطة على المؤسسات الصحية والأخبار المنشورة عن الأخطاء الطبية ندرك إلى أي اتجاه نسير.
 

ونتيجة لضعف التثقيف الصحي أو غيابها قد يجهل بعض المرضى أن لهم حقوقًا يجب أن يحصلوا عليها في المؤسسات الصحية أذكر بعضا منها: أن يستقبله الطبيب بابتسامة ويلقي عليه التحية، وأن يستمع إليه بإنصات، وأن يشرح له حالته الصحية بكل صراحة وصدق وبهدوء وروية ويقدم له خيارات العلاج، ويساعده في اختيار العلاج المناسب، وأن لا يفرض عليه العلاج بل يخيره، وأن يحافظ على سرية الحالة، وأن لا يتناقش معه عن حالته الطبية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي
 
———–
* مرفت بنت عبد العزيز العريمية كاتبة عمانية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 11274 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.